البرت ناصر
4 كانون الثاني 2012
في معالجة فكرية لفهم واقع العوامل السلبية المؤثرة في الذات القومية والوطنية لشعبنا الاشوري يمكن أستقراء المراحل التي قطعتها أي ( العوامل) في المحاولات المتكررة في تشكيل كيان منظومة فكرية مناوئة تحت نوايا متعددة تصب في مجرى أيذاء تلك الذات الرائعة التي أستقطبت شعبنا تحت مظلة واحدة منذ عهد الامبراطورية الاشورية . أنه لمن الواضح أن شعبنا يتلمس تأثيرات المنظومة الفكرية من خلال تطبيقاتها السلبية والمؤذية على واقع شعبنا الاشوري مخلـّفة أمتداداً سرطانياً في جسد أمتنا لا يسر أحد وتلعب دورها المباشر والغير مباشرفي تصدع الجبهات القومية والسياسية والدينية حيث تلقي بكل ثقلها السياسي والطائفي في محاولة منها لأصطراع الافكار بأسلوب فوضوي قرقعة هنا وقرقعة مدوّية هناك مصاحبة لشرارات أولية التي تسبق اللهيب والذي أن وصل الى درجة الاتقاد فأنه سيأتي على اليابس والاخضر كحرائق الغابات التي تستعر بفعل عوامل بيئية مشجعة ومنها الرياح العاتية وكل هذا يحدث بسبب غياب واضح للجهد المؤسساتي المعني بحماية الأمن القومي حيث الفوضى الفكرية التي تضرب أطنابها في صميم البنى التحتية لمجتمعنا بزرع بذور الانشقاق الذي لا يدعمه أي أساس تاريخي حيث قلب الحقائق بدلالة الكذب المستمر بالتلفيق والتلاعب بالالفاظ وحتى وأن كان أمرها قد أفتضح , فأن عجلة الهدم لزعزعة المعنويات مستمر لأمر ما في نفس يعقوب .
أن رصد مصادر الافكار واتجاهات تأثيرها سيساعد على وضع خارطة المواقع التي تتأثر بالكارثة المحدقة ويساعد على أنقاذ ما يمكن أنقاذه قبل أن يتحول الى هشيم طائفي وسياسي يجر القضية القومية والسياسية لشعبنا الى مثواها الاخير . فالتجاذبات الآنية بين العوامل السلبية التي ترعرعت في كنف الظروف السياسية الحالية في العراق أدت الى ما يشبه الهستيريا السياسية في الاسراع بكتم أنفاس شعبنا المضطهد (بفتح الهاء) كحلقة وصل في مسلسل أبادة الآشورية ذلك الكيان الرائع المرتبط مصيرياً من خلال وجوده وصيرورته التاريخية بأرض أجداده عراق آشور وعليه فأن المنظومة الفكرية المعادية لتطلعات شعبنا ومن خلال أدامتها لفوضى أصطراع الافكار سلبياً فقد أسفر ذلك عن أحداث شرخ في مظلتنا القومية بشكل ثقوباً سوداء تمكنت من شفط العقليات ذات النهايات السائبة التي لا مستقر لها والتي تقيّم أرتباطها بكيانها القومي الاشوري تارة على أساس اللامنتمي وتارة أخرى على اساس الربح والخسارة دون مراعاة للجانب الاخلاقي في الارتباط العضوي المصيري بالمجموعة وهي في تسيّبها الفكري وشطحاتها اللاعقلانية تتباكى على جزء من الكل دون حساب بأن في غياب الكل أنما هو نهاية للجزء .
أن الغرض من أستقراء تاريخ الذات القومية لشعبنا هو لمحاولة تصنيف بعض الافكار المتداخلة في وجدان الشعب والتي تكوّن شخصيته , ومناقشة أحقية أولويتها بأحتلالها موقع الصدارة في عقل الشعب والذي من خلال هذا الموقع تتحكم في ردود أفعال شعبنا تجاه ما يحيط به قومياً و سياسياً و دينياً وفي أستقراءنا هذا نجد أنفسنا منحازين تماماً في رؤيتنا الاشورية بدون تردد الى علو الحق آشورياً الذي لا يعلى عليه أي حق آخر ولن نتمسك بالحياد لتجميل صورتنا فكما قيل أن " الحياد بين الحق والباطل هو أنحياز للباطل" , أننا في هذا نجد أنفسنا أمام خيارٌ واحد فقط لأستمرار ديمومة شعبنا كوجود متلاحم لا ينفصم تحت ضربات المؤثرات الخارجية وما أكثرها الا وهو خيار الوحدة القومية لشعبنا الآشوري بعيداً عن الفكر الطائفي والديني المتطرف .
أننا ننظر بعين الشفقة للبعض ممن فقد حبل الوصل مع أمته يحاول بشتى الوسائل ترسيخ الباطل مستخدماً الطرح الديني بصورة غير لائقة في ضرب الفكر القومي بالفكر المسيحي لأسباب معروفة لمحاولة فصل الشعب عن تاريخه الاشوري العريق تحت مظلة الايهام بوثنية أجدادنا العظام وهذا بحد ذاته كفيل وقد تحقق جزء غير صغير من هدفه عبر كل هذه السنين في جعل القسم الاكبر من بسطاء الشعب , روحياً , أن يتخوف ويتردد في الحنين الى تاريخ الاجداد العظام بما يحقق التوازن الروحي عنده لتستتب الطمأنينة في نفسه متقبلاً عن وعي كامل في عدم تكفيره مسيحياً على يد من يشرعون أقلامهم بفكر موهوم يغالط تفسير حقائق التاريخ الروحي للايمان الصحيح لاجدادنا العظام حيث القراءات الخاطئة التي تعكس قصورهم الذاتي ثقافياً في التربية القومية التي هي الوجه الاخر لعقيدة الحياة الاشورية الازلية فلولاها لما تعرفت البشرية على أسرار العلوم والفلسفة والرياضيات والهندسة والقوانين وتنظيم وادارة المجتمعات والديمقراطية ووضع أسس بناء هيكل دولة والتي بمجموعها أبتدأت على أسس أيمانية ومنها أنطلقت جنب الى جنب في تقديسها لديانة آشور - بداية الخليقة - والتي منها انتقلت الى المسيحية ومن خلالها تداولتها الشعوب المؤمنة على يد الاشوريين حملة راية الله (آشور - البداية) في التاريخ فبنوا بأسمه (آشور – البداية ) أعظم وأرقى حضارة بشرية في تاريخ الوجود الانساني على الارض .
فهكذا سمى الاشوريين انفسهم على صفة الله الخالق العظيم الذي أبتدأ به كل شيء ( آشور – أشورايا – آها شورايا – شورايا ( البداية) ... وكما مذكور في الكتاب المقدس "في البدء كانت الكلمة والكلمة هي الله والكلمة كانت عند الله" .
من الخطأ الفادح الذي يرتكبه بعض من يستهين بأيمان شعب آشور القديم ومن لا يفقه في تاريخ اجداده لا بل يقرأه مغلوطاً أن يعتقد بأن الانجازات الحضارية التي تتمتع بها حضارة اليوم أساسها الوثنية. فحضارة اليوم أنما هي حضارة النتيجة والتي هي نتاج التطور الفكري الخلاق لحضارة الخلق الاولى على يد من سميّوا بملوك الجهات الاربع والذين بهم بدأت الكتابة والقراءة فآثور هو أول من كتب وقرأ ومنه جاءت لفظة ( اوثور – أي المؤلف بالانكليزية) كما مثبتة في المعاجم والقواميس وتدوين التاريخ في بلاد آشور لم يوجد مثيلاً له لا نوعا ولا كّمّا هائلاً في كل تاريخ الشعوب الحاضرة الا في رقيمات الشعب الاشوري العظيم . أن الديانة الاشورية القديمة قد بشرت بالمسيحية كفكرة مقبولة من خلال الايمان بولادة السيد المسيح (ع) قبل أن تترسخ المسيحية على يد السيد المسيح (ع) بدلالة المعرفة المسبقة في بلاد آشور ببزوغ نجم الشرق وأرتحال ( المجوس؟؟) لرؤية الطفل الوليد . أذن القاعدة الاساسية التي أتى بها العقل الاشوري الخلاق بالايمان الصحيح كانت مبنية على ثوابت تاريخية روحانية مؤمنة بالخالق العظيم وبظهور السيد المسيح (ع) تاريخياً . ولكون هذا الانجاز الايماني الصحيح لم يكن وثنياً لم تتوقع ملكة أنكلترا وهي تقرأ ترجمة رقيمات ملحمة كلكامش في حينه عندما نشرها عالم الاثار البريطاني هنري لايارد باجزائها التي تتحدث عن قصة الخليقة والطوفان بأن ينكشف زيف الادعاء التوراتي بوثنية عهد ما قبل المسيحية , وحال نشر ترجمة الاجزاء الاولى تم الايعاز بسرعة لأنهاء مهمة لايارد في الاستمرار بالعمل في أطلال نينوى اثار بلاد آشور .
أنه لمن الجدير بالذكر أن من ضمن ما ذكره عالم الاشوريات الفذ ( فريد تميمي) عثور علماء التنقيبات على ألواح من قصة الخليقة بشخوصها المعروفة في قصة الخليقة آدم وحواء والافعى والشجرة في بلاد آشور وأخرى متداولة في حضارة مايا وأخرى في حضارة الصين . التنقيبات أثبتت بعد مقارنة الالواح الثلاثة بأن بلاد آشور هي المصدر الاول للفكر الروحي بدلالة أقدمية تدوين قصة الخليقة وأنتشارها لاحقا من خلال العلاقات بين تلك الشعوب مع بلاد آشور .
أذن فالعقل السوي بميزانه المنطقي المبني على أساس الحق والاخلاق لا يتقبل فكرة أهمال ووضع المنجزات الايمانية لشعب آشور القديم جانباً للاعتقاد الخاطيء بوثنية شعب آشور القديم قبل المسيحية فهذا الجرم الاخلاقي الذي تم ألصاقه بالتاريخ الايماني الروحي للاشوريين القدماء قبل المسيحية كان له الاثر السلبي والخطير جداً في تغيير جذري في عقلية الاجيال الاشورية اللاحقة بعد ظهور المسيحية والتي لم تتمكن من النهوض بواجباتها القومية والوطنية بسبب الانقلاب الحاصل في تفسير معاني الديانة الجديدة وفي نوعية الافكار التي دعت بأسلوب سلمي في محيط همجي للتعامل مع الاعتداء الواقع عليها بصورة غير منطقية في ظروف لا تتحمل اللين مفسرين بالخطأ " من ضربك على خدك الايمن , أدر له خدك الايسر" و " أحب عدوك!!" فهذا الانقلاب الجديد والتغيير في نوعية قوانين الحياة التي كانت مطبقة وفق ظروف عصرها (العين بالعين والسن بالسن...) لم تجد القوانين الجديدة تجانساً مع عقلية من يضمرون الحقد والكراهية لشعب آشور على الارض مما تركت تأثيراً واضحاً في شخصية الانسان الاشوري الجديد وجعلته أنساناً مسالماً أكثر من الحد المقبول مما سهل وظيفة الاعداء في الاستمرار بأيذاء شعبنا لقرون طويلة فظهرت أجتهادات توحي بالجنة الموعودة فجاء التشبث في بناء القصور في السماء بشكل أنتحار جماعي في سبيل الدين بغية الحصول على موطيء قدم في الجنة الموعودة وكأن المسيحية التي وصلتنا أنما أستهدفت في جانب منها لتهدم ركناً أساسياً من أركان عبادة الله على الارض الا وهي قدسية الارض نفسها والتي تمسك الاشوريون القدماء بقيمها دفاعاً عن وجودهم.
أذاً من وصم تاريخ اجدادنا بالوثنية لم يكن ليدرك أن آدم ابو البشرية ( اللفظة آشورية) ( آدمو – آها دميا – (صفة التشبيه) – وكما ورد في الكتاب المقدس( انّا خلقناكم على شاكلته...) قد ورد أسمه في قائمة تحوي على 17 أسماً من ملوك آشور في العهد الاشوري المتأخر جداً حيث الخيام والقائمة ما زالت محفوظة في جامعة بنسلفانيا حيث عثر عليها في عمليات التنقيب التي أجرتها الجامعة في آثار بلاد آشور والملفت للنظر أن الاسم الثالث لاحد الملوك كان يدعى آدم!! الا يعني هذا شيئاً لنا ؟؟ ورود أسم آدم لكنية ملك آشوري في عصور متأخرة حيث الوثنية كما يدعي الكارهون!!! أية وثنية هذه التي يتخذ صاحبها أسماً ورد فقط في قصة الخلق؟؟
أن أعادة الاعتبار لعقيدة شعب آشور القديم لارتباط المسيحية بها والتي أتت مكملة لها وليست لاغية لها حيث أشتراكهما بنفس الجذور الايمانية تعتبر مهمة أيمانية تستحق الدراسة من قبل رجالات الكنيسة فالمسيحية لم تأت بأساس جديد تفند الاساس الروحي في الايمان الصحيح للاشوريين القدماء في كون البشرية من خلق الله واليه ترجع بهيئة أخرى في حياة ثانية.. الا أن ما يلفت للنظر أن بوجود ديانة آشور قديماً قد جعلت شعب آشور يتبوأ موقع الصدارة في العالم القديم وهو ما يثير التساؤل الى القاسم المشترك الذي جعل شعباً بكامله في لحظات الاختبار أن يهمل قيم الحياة على الارض , هذا الانقلاب الحاصل جراء التلقين الخاطيء في أهمال قيم الحياة على الارض لحساب قيم السماء قد جعل شعبنا مسكوناً بشعور داخلي غريب طغى بقوة على أحاسيسه فشّل عقله في تحسس جماليات الخالق متخذاً الدين مفهوماً للوقاية من شر وعقوبة الخالق وبهذا المعنى تم زرع الخوف في ضمير أنساننا البسيط وقد أنعكس هذا في الشخصية التي ترتكن الى السلم دون المواجهة مما سهل وظيفة من لم يتورعوا في الانقضاض على الاشورية. فهذا الانقلاب بسبب الاجتهادات في التفسير قد لعب دورا جوهريا عميقاً يحفر أثاره في اللاوعي في ضمير الانسان الاشوري , فالتشبث بالارض أصبح من الضعف بحيث أن الاستسهال بترك الارض لتوفر البديل الايحائي في عقلية أنساننا المؤمن ببناء القصور في السماء قد أعطت الحجة في عدم المواجهة لدى من يفضل مسيحيته على آشوريته .
أن الاشارة في المواعظ بأرتباط المسيحية بجذورها الاشورية يعطي زخماً معنوياً هائلاً لانساننا الاشوري ويعيد له التوازن الحقيقي المفقود منذ 2000 (ألفين) سنة ليحيله الى قوة أيمانية جذورها تضرب في أعماق ضميره بكل ثقلها التاريخي بفتح الابواب أمام مسيحيته لتلتقي بآشوريته ليصحو على حاله الذي يحاول البعض قطع حبل الوصل بين ديانة آشور القديمة والمسيحية تحت ذرائع وأجتهادات لا ترتقي الى مستوى المنطق العقلاني بعدم أنسجامها مع المئات من الادلة والبراهين كحقائق ناصعة على أستمرارية الايمان الروحي الصحيح لشعب آشور قبل المسيحية وأستمرار نفس الايمان القديم بالله الخالق العظيم تحت مظلة المسيحية ويمكن أختصار الكلام على مظهرين من المسيحية الحالية التي نؤمن بها هي وجود الله وعلامة الصليب فأن فكرة الله الخالق تعتبر آشورية قديمة بدلالة الاسم القومي لشعبنا , والصليب أنما كان من جملة ما يتقلده الملوك الاشوريين وذلك واضح في نسخة الرقيم لصلاة الملك آشور ناصر بال الثاني التي نشرها عالم الاشوريات الفذ ( فريد تميمي) .
أن عقيدة آشور المؤمنة بالخالق العظيم كانت دستور الحياة حيث العدل والديمقراطية التي بها صال وجال أجدادنا العظام في بناء صرح الحضارة البشرية فلولا أختراعات وأكتشافات العلماء الاشوريين لما وصلت اليه البشرية اليوم الى هذا التطور النوعي المبني على المنجزات الاشورية بأعتراف علماء الاشوريات وكبار زعماء الدول منهم على سبيل المثال لا الحصر مقولة الرئيس الامريكي رونالد ريغان في حفل ازاحة الستار عن تمثال احد العلماء الامريكان في احدى الجامعات الامريكية حيث يذكر "لولا فضل الاشوريين في أختراع العجلة لما تمكنا من الوصول الى القمر..."
أن التعامل النقدي مع الواقع يتطلب فهماً صريحاً لتاريخ ذلك الواقع يعتمد منطق الحق والاخلاق كأرضية رصينة وصلبة لتكون عملية النقد والبناء حالة أيجابية في وضع التاريخ في خدمة الحاضر لا سيما أننا تاريخياً أفضل بكثير من حاضرنا التعس حيث أنبطاح كياننا القومي على سرير العناية المركزة لاسعافه كي لا يلفظ أنفاسه الاخيرة. أذن الاعتماد على التاريخ في تذكير شعبنا بعظمة كيانه يكون من الضرورات القصوى في الابقاء على شعلة الامل من خلال عظمة وقائع التاريخ وليس من خلال أنهزامية وقائع الحاضر , فليس في حاضرنا ما يمكن الافتخار به ليكون مثالاً يحتذى به وشعبنا غارق في السلبيات من قمة رأسه الى أخمص قدميه
أننا صناعة أفكارنا وتأثيرات الظروف المحيطة بنا التي تفرض أحيانا ثقلها الايحائي في جعلنا أن نفكر تحت طائل المتغيرات الاقوى منا وهنا يكون الانسان في قراره مجبراً وليس مخيراً ينتهي به القرار في محاولة أنقاذ ما يمكن أنقاذه . فواقع أمة آشور السياسي ليس في أفضل حالاته بل من أتعس ما مرت على شعبنا الاشوري من ظروف حياتية في العراق ضمن مسيرته الكفاحية التي ذاق فيها الويلات وعذاب العيش وسط من يتحين الانقضاض عليه لاسباب معروفة لجميع الاشوريين بمختلف طوائفهم وعشائرهم وقبائلهم وعوائلهم واجدادهم وابائهم نزولاً للاجيال الحالية وبدلا من أيجاد حل ومخرج للحفاظ على وجودنا نرى أن العكس يحدث تماماً والكل في حيرة من أمره ينظر مستغرباً في وجه صاحبه مندهشاً لا يعرف السر خلف كل ما يجري من خروج وتجاوز على المنطق العقلاني في التعامل مع قضيتنا المصيرية حيث أن ما يحدث لنا كشعب , لنا مع الاسف ( شرف) المساهمة به حيث أننا أصبحنا أعداء أنفسنا نساهم مع الاعداء في سرعة أنجاز مخططات اعدائنا .
أن تسليطنا الضوء على الموضوع الديني والسياسي معاً لارتباط الموضوعين بمسألة حقوقنا السياسية في العراق والحفاظ على وجودنا القومي وذلك من خلال زرع بذور الايمان الصحيح في النضال من أجل قيم الحياة والارض بجعل جيل اليوم يستلم الامانة من الجيل السابق ليديم فعاليات المطالبة بحقوقنا والنضال من أجلها حيث يبدو أن أجيال المستقبل سوف لن تر النور في عقر دارها وارضها التاريخية قد تم أحتلالها فالرسالة التي ستستلمها ستكون مشوهة حيث ستكون القضية الاشورية قد دفنت حياً في زمننا هذا ونحن نشارك في أغتيالها بطعنات الغدر والخيانة بمختلف الوسائل والطرق المتاحة!!!
من المؤشرات الحالية لأسباب عزوف القسم الاعظم من جيل الشباب عن السياسة هو للتحول الحاصل في حياة شعبنا نتيجة الهجرة القسرية الى دول الغرب المسيحي حيث بوابة الملذات مشرعة لكل من يريد تعويض الحرمان الاجتماعي الذي يعانيه شعبنا في البلاد العربية وهكذا يتسم طابع الحياة عند فئة المراهقين والشباب من أبناء شعبنا بفوضى طاغية ملؤها الفرفشة وحفلات الرقص والتواصل الاجتماعي في المقاهي بعيداً عن هموم السياسة...وفي أثناء هذه الفوضى ما زلنا نجد أننا في مواجهة جيل مؤمن بقوة بدينه يتخذ الدين بالخطأ شعاراً قوميا له وفي نفس الوقت لا يستسيغ سماع كلمة سياسة ولا يريد ان يتناقش في قضية حقوقه السياسية في العراق !!!
أنه لمن الجدير بالملاحظة أن المؤسسة الدينية لها ثقلها وتأثيرها الواضح في طريقة تفكير شعبنا.. أننا بحاجة الى العناية بهذه الاجيال قومياً بنفس النفس الديني الذي يبدو أنه يسلب الذات القومية ليحيلها الى ذات دينية غير مستوعبة لوجودها القومي الصحيح جنباً الى جنب الايمان الروحي . هذا الذي يحدث الان لم يكن موجوداً عند الاشوريين القدماء ما قبل المسيحية وهو الذي أطّر حياة شعب آشور القديم بالعظمة من خلال الايمان بقيم السماء لترسيخ قيم الحياة والارض كركن أساس ومقدس يستوجب الدفاع بالتالي عن الارض في حالة العدوان .
لا ندري ماذا يتوقع هؤلاء الشباب وهم في عز عنفوانهم في حالة أهمال رسالة أجدادهم بعدم الاصرار على حب والاقبال على الحياة بقيمها النضالية في ظروف تعيسة كهذه التي تمر بها الامة الان حيث غياب المشاعر القومية لقطاعات واسعة من شبابنا ذي العقول المسكونة بالافكار الدينية والمشحونة بأندفاع ضد قوميتها التي تصّرح بها وكأن حالها يقول أنا قومي في حدود خارج كنيستي ومتى ما وطأتُ عتبة كنيستي فعقلي ينسى قوميتي وينكرها من أجل أسمى وأكبر هو الله والمسيح وديانتي المسيحية!!!
من قال أن نكران الاشورية في أروقة كنائسنا عمل صحيح في ظل الحقائق التاريخية بأيمان الاشورية الروحي بالخالق العظيم؟؟ اننا نساهم في خلق أجيال تتسم بالجهل القومي التام من خلال عدم المقدرة في التعبير عن الهَم القومي نتيجة تضارب الافكار الدينية بالقومية في أصطراع فكري شرس مستتر تتضارب فيه معاني القدسية لتشل حركة العقل في القبول بالأنا الاشورية جنباً الى جنب مع الأنا المسيحية فتتجلى تطبيقاتها على ارض الواقع في ألاهتزاز الواضح بكل ما هو قومي وسياسي يصب في خدمة قضية شعبنا المبتلى على أمره . وبهذا المنحى تتجلى ملامح القضية الاشورية ضمن ما هو بشري غير مقدس في الاطار العام الذي أنطبع في عقلية من يتصور بأن الاشورية فعل وثني مدنس لا يجوز أعتباره في مستوى المسيحية. أليست هذه مسؤولية رجال الدين في المساهمة في تعميم رفض الاشورية في عقل الشعب؟؟ وهل الظروف الحالية لأمتنا لا تتطلب تغيير موجة الكلام في المواعظ لما يخدم الكنيسة والقومية؟؟ أنه أمر متروك لرجال الكنيسة .
لا نرى أنفسنا كقطيع أغنام تائهة , تاهت الدرب لملكوت الله , ولن نرغم أنفسنا في قبول هكذا معنى ونحن من خلال اجدادنا أول البشرية أصحاب تاريخ أول من عرف الدرب الى ملكوت الله قبل المسيحية بالاف السنين.. أن شعبنا بحاجة الى من يعيد له ثقته بنفسه وأحترامه لنفسه في قفزة نوعية من مواعظ تشحذ همته وتعرفه بأهميته في هذه الحياة وبقدسية أرضه والحفاظ والذود عنها وهو بهذا أنما يحقق جزء مكمل من الجهاد اليومي في طاعة الخالق والجهاد في سبيله في نشر كلمته , (في البدء كانت الكلمة والكلمة هو الله...) ونحن من آمن بالله كبداية لكل شيء وسمينا أنفسنا على أسم البداية آشورايا – أها شورايا – شورايا أي البداية وليس من الصعب أبداً فهم هذا التفسير في كيفية بداية أيماننا بالله الخالق العظيم قبل المسيحية بالاف السنين .أليس من باب الايمان بالحرص على تذكير الانسان بأن يعيد صياغة علاقته بأرضه بحيث لا يفرط بها وهي من عوامل أستمرار وجوده وتكاثر نسله في أرتباط تاريخي زمنكاني فالتاريخ لكي يبدأ بحاجة الى أرض وزمن معاً فلا تاريخ في غياب أحد هذين العنصرين فأنه وكما يبدو أننا منذ وعينا للمسيحية اننا نحاول الغاء مكانة وأهمية الوجود الانساني على الارض بأهمال قيم الارض والتشبث بقيم السماء بالبحث عن أرض لا وجود لها في أطار حركة التاريخ الزمنكانية حيث لا تاريخ في غياب الارض وكل هذا يحدث في مواعظ بأسم المسيحية تعمل ضد حركة التاريخ ومنطق التاريخ وهذا حتما سيؤدي الى توقف عجلة التطور التاريخي عند هكذا شعب وسيتوقف تاريخه على أرضه . فمن لا جذور له لا تاريخ له ومن لا تاريخ له لا مستقبل له , فالجذور بحاجة الى تربة أرض (وطن) لتنمو الاجيال وتتوالد وهكذا تتكون وتتكاثر الشعوب ونحن (ما شاء الله) نسير بالضبط عكس هذا المنطق وكأن بوصلتنا قد تم توجيهها حيث التشرد والضياع في أصقاع العالم وبعدها ليسكت التاريخ عن الحديث عن أول شعب من دوّن التاريخ والتاريخ قد بدأ به وطوّر البشرية ..الا أنه لم يتمكن من تطوير نفسه... أنه نحن الشعب الاشوري العظيم !!