مشروع انشاء برلمان أشـوري

ندعو هنا جميع الآشـوريين بأن يشاركو في مشروع انشاء برلمان آشـور في المنفى. يجب على طالب المشاركه بأن لا يكون له ارتباط بحزب او حركه سياسيه. كما يجب ان يكون مؤمن بانتمائه القومي الأشـوري ايماناً اعمى. و بتراثه و تأريخه و لغته الآشـوريه.

٢٠١٢-٠٦-٢٩

حتمية وجوب المطالبة بالحماية الدولية لمسيحيي العراق




آشور كيواركيس
بيروت: 27/حزيران/2012

"سيأتي اليوم الذي يسألنا فيه الشتاء عمـّـا كنا نفعله طوال فترة الصيف" – هنري كلاي

وصلت الحالة المزرية للأمة الآشورية بعد 9 سنوات على سقوط صدام على وجه التحديد، بالآشوريين إلى أخطر ميـّـزة على الإطلاق، ألا وهي التأقلم مع عمليات القتل والتهجير والأسلمة والتكريد، وذلك إستسلاماً أمام الخيبة الكبيرة من السياسة الآشورية في العراق، المبنيــّـة على أسس ركيكة قومياً، معاقة أيديولوجياً، فيما تجيد التعامل مع المحيط المعادي بإنهزاميتها وتغطيتها لكافة الجرائم ضد الوجود القومي الآشوري والديني المسيحي، والتي لم تستـثنِ أية طائفة آشورية (سريان، كلدان، مشرقيين وغيرهم ...) وقد أصبح من النادر ملاحظة أي موقف مـُـنتفـِض ضد هذه السياسة سواء في المهجر الآشوري الحرّ أو في آشور المحتلة (شمال العراق الحالي)، حتى بدأت الأمة الآشورية تطرق أبواب مرحلة الزوال .

إن انعدام ثقة الشعب الآشوري بساسته في العراق "كان" سيعدّ إيجابياً فيما لو كانت هناك ردّة فعل آشورية معاكسة خصوصاً من المهجر؛ مصدر الأموال والأصوات الإنتخابية لتلك النماذج، التي لم تأت طروحاتها المشبوهة حتى الآن إلا لإلهاء الشعب الآشوري بسكاكر التكريد (الإدارة المحلية، المنطقة الإدارية، الحكم الذاتي التابع للإحتلال الكردي) وتضييعاً للوقت فيما العراق يـُـقســَّـم قومياً وطائفياً ويـُـنهـَـب مقابل تهجير الشعب الآشوري من مدنه وبلداته، وفيما بدأت تستنتج حكومات الدول العظمى (دول المهجر الآشوري) بأن الآشوريين شعب خائب لا قضية له وأرضه سائبة للدخلاء ولا من يسأل ...

والمزيد من العوامل الداخلية التي أدخلت الأمة الآشورية في مرحلة خطر الزوال، تعود إلى حالة كسل عام، وتخدير قاتل على يد كافة المؤسسات السياسية الآشورية، بسبب الإفتقار إلى الثقافة القومية لدى السياسي الآشوري وهذا واضح في إهمال المؤسسات السياسية الآشورية لمسألة "الأمن الآشوري" الذي يجب أن يكون فوق كل اعتبار، وقد انعكس هذا إلى ضعف في المواقف وعدم محاولة استغلال "القوة الآشورية" مما أدّى إلى عدم احترام مافيات العراق للسياسي الآشوري .

أما أهم العوامل الخارجية التي كان ولا يزال لديها الأثر الكبير في إضعاف الوجود القومي الآشوري على أرض أجداده فهي كالتالي :

أولاً: الإفتقار إلى الحسّ الوطني لدى الساسة العراقيين، فالمناطق التي يحتلــّـها الأكراد لا تدخل ضمن الديموغرافيا الشيعية والسنّية العربية وطالما الأكراد لا يحتلون أراضي "سنّية" أو "شيعية"، فإلى الجحيم بشمال العراق (بحسب منطقهم)، خصوصاً أن الفيدرالية جاءت قيحاً من جرح مساومة "كردو – إسلامية"، حين وافق الأكراد على أسلمة العراق فيما يوافق الآخرون بالمقابل على تكريد آشور تحت شعار الفيدرالية، ما يعتبر إهانة للأمة الآشورية كما للعراق الذي تحوّل وفقاً لدستوره، إلى البلد الوحيد بدون "شمال" في تاريخ البشرية .

ثانياً: عدم وجود تيار قومي عربي في العراق ليكون الندّ القوي بوجه العنصرية القومية الكردية بعد عقود من غباء هذا التيار في عهد صدام مما سبب النفور من كل ما هو عروبي أو حتى "عربي"، وبذلك استغلّ الأكراد غياب هذا التيار بوجود الصراع الطائفي المتخلف المزمن بين السنّة والشيعة لتحقيق مآربهم بفرض الورقة الكردية في تحالفات مع الشيعة ضد السنّة وأحياناً مع السنّة ضد الشيعة، لا بل حتى مع الشيعة ضد الشيعة .

ثالثاً: الفساد وانعدام الأخلاق والأمانة لدى الساسة العراقيين بحيث أتوا من مجتمعات فقيرة ومتخلـّـفة ووجدوا أنفسهم محاطين بأموال طائلة من عائدات النفط، ومرجعيات الخارج السياسية والدينية، مما سهّـل في إباحة المساومات على توزيع الأدوار في سرقة ثروات العراق بين المتـنفذين في النظام "الكردو-إسلامي" البغدادي بعد النظام البعثي، بحيث تحوّل العراقيون إلى أفقر شعب في أغنى بلد .

رابعاً: التحوّل المفاجئ في العراق من الدكتاتورية ضد الشعب والتيارات المتخلفة، إلى حرية التيارات المتخلـّـفة بتسلـّـطها على الشعب ومقدرات العراق ...

كلّ هذه العوامل نختصرها بجملة صغيرة قبيحة، وهي أن هؤلاء ليسوا إلا دخلاء على ما يسمّى اليوم "عراق"، لذلك فهم لا يشعرون بالغيرة عليه ولا يهتمون لسلامته أرضاً وشعباً وإقتصاداً وأمناً وثقافة .

وبعيداً عن صراع مافيات دولة العراق، نعود إلى خطورة محيط الآشوريين من تيارات إسلامية متخلفة يتم استغلالها من سلطة الإحتلال الإسلامي في بغداد أو سلطة الإحتلال الكردي في آشور، فالمواقف المعسولة بعد الإعتدءات "الإسلامية" (إفتراضياً) ليست سوى لتبييض صفحة مطلقيها بحيث يوجدون المشكلة لينتقدوها فيعلو رصيدهم أمام غباء أوروبا، وخبث أميركا مهندسة "الفوضى الخلاقة" التي تنمو على بناء أنظمة إرهابية لتأجيج الصراعات وإيجاد الحجة القوية للتدخل ساعة تشاء مجدداً ومجدداً ...

لم يتمّ تصنيف "الإرهاب" عالمياً حتى اليوم ... فهو بالمفهوم الأميركي الغير مُعلـَـن، ذريعة لبسط السيطرة على بعض النقاط الإستراتيجية الهامة تحت شعار "حماية الأمن القومي الأميركي"، والملفت هو أن كل طرف معادي لأميركا يتم ضربه من قبل تنظيم القاعدة، وحتى أميركا نفسها تم ضربها في أيلول/2001 لصالحها وهذا واضح من خلال الإنقلاب في سياسة أميركا الخارجية وتصرّفها بوقاحة مبررّة تحت شعار"مكافحة الإرهاب" لمدّ سيطرتها على بقاع إستراتيجية من العالم (أفغانستان والعراق خير مثال)، أما المفهوم العلمي المشترك (المُعلن) هو كون الإرهاب وسيلة للضغط على طرف ما بقبول واقع ما، بوسائل خارجة عن المفاهيم الإنسانية أو المواثيق الدولية، مثل قتل المدنيين وترويعهم لغايات سياسية أو إقتصادية أو ديموغرافية .

إن أسهل طريقة لفهم هذا التعريف للإرهاب هي دراسة أخلاق الدولة العراقية، كما مواقف المرجعيات السياسية والدينية وحتى الرسميين على أعلى المستويات، وهي لا تخلو من خطابات الحقد والكراهية والتخلف، وأبرز مثال على ذلك هو تصريح رئيس البرلمان العراقي الأسبق محمود المشهداني لصحيفة "المدى" العراقية (عدد 05/ كانون الأوّل/2011) بما يلي :

[وصلنا إلى السلطة ولن نتنازل عن أسلمة العراق، ولا نوافق على ما تقوم به التيارات الليبرالية في سبيل الحفاظ على الحريات المدنية المنصوص عليها في الدستور، وإن أسلمة المجتمع واجب ضروري من خلال فرض الأيديولوجية الإسلامية على أفراد الشعب العراقي بكل مكوناته ... أما بخصوص الباب الثاني من الدستور، فإن الحريات المدنية هي انفلات أخلاقي والديمقراطية هي تدمير للمجتمع العراقي ...] .

ليست أمام دولة العراق أية ذريعة بخصوص هذا التصريح لأن قائله لم يكن نتانياهو ولا أوباما ولا بن لادن ولا صدّام، بل هذا رئيس البرلمان العراقي بين عامي 2006 و2008 في عصر "العراق الجديد"، أي أنه رئيس مؤسسة "دستورية" عراقية تمّ استفتاء الشعب العراقي عليها وعملت لمدّة سنتين فيما كان (ولا يزال) يتم تهجير مسيحيي العراق ومصادرة بيوتهم ولا من يهتم، وهنا نسأل: "كيف وصل هذا النموذج القبيح إلى سدة رئاسة البرلمان ؟ وبأية مساومات وعلى حساب مَن وبمعيـّـة أية نماذج ؟" .

هذا ناهيك عن المواقف الغير مشرّفة من باقي الإسلاميين ورسائل التهديد إلى العوائل الآشورية التي أرسلتها التيارات الإسلامية المتخلفة في مناطق بغداد، وأخرى في الموصل، وسياسة التكريد التاريخي المتمثلة بتصريحات المسؤولين الأكراد على أن الآشوريين "ضيوف" في شمال العراق كما قال الأفغاني ملا بختيار، القيادي في حزب طالباني، أي أن الآشوريين بمفهوم حزبه نزلوا من القمر وحلــّـوا في الكيان الكردي بينما الأكراد هم بناة نينوى وأربيل والآثار الآشورية في المناطق الخاضعة لإحتلالهم، واعتبار نيجرفان برزاني للآشوريين كـ"مسيحيين أكراد" في كتاباته، أضف إلى ذلك، السياسة التكريدية العملية، والمتمثلة بالتغيير الديموغرافي وقد تلخــّـص ذلك في استصدار قوانين كردية تعجيزية لمن يريد إستعادة أرضه المصادرة من قبل الأكراد وتشجيعيـّـة للكردي على شراء الأرض التي صادرها غصباً عن صاحبها الآشوري، والمشاريع "الإنمائية" التي تسهّـل تغلغل الأكراد داخل البلدات الآشورية الكبيرة مثل مشروع الأبراج الأربعة في بلدة عنكاوا الآشورية ومطار أربيل الذي تم بناؤه على ما يزيد عن 25.000.000 متر مربّع (10.000 دونم عراقي) من أملاك آشوريي عنكاوا التي ورثوها عن أجدادهم حين لم يكن هناك كردي في العراق، وفرض التعويض المادي الرخيص عليهم (أي شراؤها بالقوة وبأسعار بخسة)، ومخطـّـط "الضيوف المؤقتين" الذين أرسلهم حزب برزاني إلى البلدات الآشورية في سرسنغ وإينشكي وغيرها على أنهم "لاجئون مؤقتون" واليوم تزيد أعدادهم على أعداد الآشوريين في تلك المناطق منذ عقود، مصادرين الأراضي الآشورية رغم تكرار الشكاوى من قبل أصحابها، والخطر الكردي يتزايد يوماً بعد يوم خصوصاً مع اكتشاف مناطق نفطية داخل المثلـّـث الآشوري (بين الزاب الكبير ودجلة) وتحديداً بين منطقتي شيخان وألقوش وإتمام عقود كردية- تركية حول استخراج النفط في هذه المناطق - أضف إلى ذلك سياسة تكريد الماضي والحاضر والمستقبل من خلال المنهاج التربوي الكردي الذي يمجــّـد مرتكبي المجازر من الأكراد بحق الشعب الآشوري كأبطال، فيما ليس هناك ما يذكر عن التاريخ الآشوري في تلك المناهج التي يدرسها الجيل الآشوري من الأطفال .

كل هذا يفتخر به الساسة الآشوريون في العراق على أنه من إنجازاتهم ويتسوّلون لأموال المهجر والمنظمات الدولية تحت شعار "مساندة المدارس السريانية"، بالإضافة إلى كل ما يسهم بالإبادة المهذبة البطيئة للوجود الآشوري مما يسبب المزيد من الخيبة لدى الآشوري الأعزل المتحضـّـر في محيط مسلـّـح متخلف، خصوصاً أنه ليس لديه من يدافع عنه لا بالمنطق ولا بالقوّة .

بعد هذه التهيأة لضرب الأمة الآشورية، والمدعومة سلفاً وعن سابق الإصرار والتصميم بمهازل السياسة الآشورية في العراق في سبيل المال والمنصب، وبالتضحية بالقيم الآشورية من هوية وأرض وبسكوت الحزبـيـين الآشوريين الأتباع والمنتفعين الذين لا ينتقدون أحزابهم إلا بعد خروجهم منها بسبب حرمانهم من حصصهم، لا بدّ من ذكر الإيجابيات التي ترسّخ الأمل الآشوري المتبقي : "القوّة الآشورية" المـُهمَـلة .

"الخوف مفيد أما الجـُـبن فعديم الفائدة" – مهاتما غاندي

فيما يشكك "الشعب" الآشوري المغلوب على أمره بمحيطه المتخلف، تسيّر المؤسسات السياسية الآشورية في العراق أمورَها على أحسن ما يرام وذلك بمشاركتها في إرهاب الدولة العراقية ضدّ الشعب الآشوري النائم، ولكي لا يبدو هذا الكلام غريباً نطرح لماذات بسيطة :

لماذا نعتبر كآشوريين، كل من شارك في نظام التعريب خائناً بينما من يشارك في نظام الأسلمة والتكريد حكيماً يعمل وفقاً للواقع ؟

لماذا لم نعتبر كآشوريين، سياسة التعريب "واقعاً" كذلك، علينا مراعاته أيام صدام القوي كما علينا مراعاة واقع اليوم، في المرحلة الأضعف وفي ظل عراق ضعيف منقسم على ذاته ؟

لماذا تم اغتيال عدة ساسة عراقيين من كافة القوميات بينما لم تتم حتى الآن دغدغة أي سياسي آشوري في العراق ؟

الخوف يولــّـد الحذر والحسبان لمستقبل أفضل كردّة فعل معاكسة، بينما نرى المؤسسات السياسية الآشورية العاملة في العراق تنشر اللاعقائدية والإنهزامية في المهجر الآشوري الحرّ الذي من المفترض أن يكون "القوة الآشورية"، هذا لأنها تريده مثلها تماماً؛ عديم الفائدة، وذلك عبر فروعها في المهجر التي نادراً ما يترأسها إنسان مثقف، وهنا نستنتج في محاولتنا الإجابة على هذه الأسئلة بأن الشعب الآشوري "خائف" فعلاً، أما الساسة الآشوريين في العراق فعَديمي الفائدة (بالعودة إلى مقولة غاندي) .

كمثال بسيط سنتطرّق إلى موضوع المنطقة الآمنة المطروح منذ سنوات من قبل السيدة نينا شيا (مديرة "مركز الحرية الدينية" في الولايات المتحدة) وذلك من خلال لقاءاتها وخطاباتها في الكونغرس الأميركي وكتاباتها في الإعلام الغربي ومنه صحيفة "الناشيونال ريفيو"، وكان الردّ الكردو-إسلامي كالعادة، على لسان يونادم كنــّـا : "لا نريد منطقة آمنة بل نريد العراق كله آمناً"، هذا فيما كانت الحركة الديموقراطية الآشورية (شركة يونادم كنـّـا لللإستثمارات الإنتخابية) تنشر انهزاميتها في المهجر وتبث الدعاية بين البسطاء ضدّ هذا المشروع على أنه مجرّد مشروع مخيمات لاجئين، أي كما كانت حال آشوريي الجبال إثر إبادتهم على يد الأتراك والأكراد وتهجير من تبقــّـى منهم عام 1918 إلى سهول آشور (قبل صناعة العراق في مختبرات لندن)، مُستغبيـَـة أتباعها وبدون أية مقارنة بين مفهوم "المنطقة العازلة" التي يتم إنشاؤها للاجئي الحروب، و"المنطقة الآمنة" التي تنصّ عليها القوانين الدولية لحماية كرامة الشعوب الأصيلة التي تعيش تحت حكم الأنظمة المتخلفة .

إن تدخــّـل الإنهزاميين في شؤون المهجر الحر، يطرح علامة استفهام كبيرة حول كون الواقع المرير سبباً حقيقياً لإنهزاميتها، وقد عمدت هذه المؤسسات، وبشكل خاص الحركة الديموقراطية الآشورية، إلى إضعاف العزم الآشوري في المهجر بسيطرتها – من منطلق عشائري أو نوستالجي- على المؤسسات الآشورية التي كان بإمكانها إيصال القضية الآشورية الحقــّـة إلى المنابر الدولية، وبالتالي تبرير تبعيتها للسياسة الكردو-إسلامية وذلك بلوم المهجر الآشوري واتهام الآشوريين بالجبن (نيابة عن المحتلـّـين) على أنهم "تركوا أراضيهم وهربوا" متناسية بأنها باعت أراضي الآشوريين للدخلاء الأكراد من خلال البند السادس من
برنامجها السياسي المقرر في مؤتمر شقلاوه عام 1997، ثم مؤتمر نوهدرا في 2001، وكذلك متناسية بأن أهم أسباب هجرة الشعب الآشوري هو الخيبة من حــُـزيباته كونها مؤسسات غير عقائدية وعقيمة لا يرى الشعب الآشوري في خطابها السياسي أي مطلب ضامن لمستقبل الآشوريين حتى تحت سيطرة الغزاة .

وقد سارت بهذه المسيرة المخجلة كافة المؤسسات السياسية الأخرى التي تم إيصالها إلى المنابر السياسية بواسطة الناخب الكردي مثل الحـُـزيب الوطني الآشوري ومجلس نيجرفان برزاني المعروف بـ"المجلس الشعبي السرياني الكلداني الآشوري"، أما ما تسمّى بـ"المنظمة الديموقراطية الآشورية" الناشطة في إسطنبول، فقد نأت بدورها المفترض وتهرّبت كأوّل مؤسسة سياسية آشورية (كما تدّعي) في مجرّد المطالبة بحقوق الأمة الآشورية وتعمل اليوم على دعم المشروع الكردو-إسلامي في سوريا تحت شعار "نحن ضد التعريب" – حالها حال حركة كنــّـا في العراق أيام صدام .

إن هذه النماذج من المؤسسات السياسية (الغير قومية)، لا قضية مركزية لديها، لا بل لا قضية لها من الأساس، فسياستها لم تكن عبر تاريخها سوى مناهضة الأنظمة التعريبية حيث لا خبز لها في البرلمانات البعثية، لذلك نراها تناهض الأنظمة البعثية ليس حباً بقضية آشورية بل بالكرسي "المسيحي" بعد سقوط تلك الأنظمة، وما حال الآشوريين في العراق اليوم إلا خير مثال على ذلك وهذا مترجـَـم في القــِطرية للحــُـزيبات الآشورية بحيث نرى كل حــُـزيب آشوري يهتم ببلد معيــّـن بدون اتباع أية سياسة تجاه مركز القضية الآشورية : آشور المحتلة في شمال العراق الحالي .

وفعلاً لقد أثبتت هذه التصرفات الغير مشرّفة فعاليتها في إفساد قسم كبير من القوة الآشورية في المهجر الذي قلـّـما يهتم للقضية المركزية الآشورية (الأمن الآشوري) حيث تحوّل بعض ناشطيه الغيورين الشرفاء إنما البسطاء، إلى أبواق حزبية تتستــّـر تحت شعارات نوستالجية عاطفية مثل "مساندة أخواننا في أرض الوطن" و"الأفضلية لمن يعمل في العراق"، وقد تترجم ذلك إلى خداع القوميين الآشوريين المستقلين الذين وثقوا لسنوات بالساسة الآشوريين في العراق، علماً أن ناشطي المهجر هم القسم الذي كان من الممكن أن يقوم بمهامه كما يجب، بينما نراه يؤسس مجموعات ناشطة بكل صدق إنما تعمل بدون أن تدري، لصالح أشخاص أو مشاريع معادية أو مضيــّـعة للوقت، وفقاً للدستور الكردو - إسلامي والمادة /125/ التي نصّت على ألا تنصّ على شيء، أو وفقاً للمادة /35/ من دستور الإحتلال الكردي التي تنصّ على إضافة ما يُسمّى "سهل نينوى" (جنوب المثلث الآشوري)، إلى الإحتلال الكردي رسمياً، مما سبب ردّة فعل تعريبية في استصدار قوانين لتعريب المناطق الآشورية في "سهل نينوى" وبذلك وقع الآشوريون بين ناري التعريب والتكريد، وأخيراً "التشبيك" في دولة تعد اليوم من أكثر الدول تخلفاً في العالم بحسب التقييم الدولي .

إنّ الضعف الآشوري في المهجر سببه نفسي وليس فكري ولا ميداني، كما أن العالم اليوم هو عالم الفكر والإعلام وقد ولــّـت أيام السيف والترس، وقوّة الأمة الآشورية تكمن في المهجر حيث يتواجد أكثر من 70% منها، موزعين على دول عظمى تكتب دساتير دول الشرق الأوسط وتعيــّـن رؤساءها، ورغم ذلك لم تسمع هذه الدول العظمى حتى اليوم بالقضية الآشورية علماً أن آشورييها يتمتعون بكافة العوامل المهيــِّــأة لنشوء حركة قومية فعالة تعرف كيف تتعامل مع المسألة الآشورية في المنابر الدولية، وأهم هذه العوامل : الحرية أولاً، ثم الإيمان القومي والعلم والعلاقات والمال .

وما "الواقع المرير" (ذريعة الساسة الآشوريين في العراق) إلا الدعم بذاته لمطلب الأمن الآشوري في العراق كون اضطهاد الآشوريين في العراق يجب أن يتحوّل إلى حجة قوية وسلاح سياسي مبرمج بيد القوميين الآشوريين في المهجر من مبدأ "قوتنا تنمو من خلال ضعفنا" (بالإذن من المفكـّـر الأميركي رالف إيميرسون)، وذلك وفقاً للقوانين الدولية ومنها شرعة حقوق الإنسان، والإعلان العالمي حول الشعوب الأصيلة الصادر في أيلول عام 2007، حيث تنصّ موادّه على ما يلي :

المادة الثالثة : "للشعوب الأصيلة الحق في تقرير المصير، وبمقتضى هذا الحق تقرر هذه الشعوب بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية لتحقيق تنميتها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية" .

المادة الرابعة : "للشعوب الأصيلة، ضمن حقها في تقرير المصير، الحق في الإستقلال الذاتي أو الحكم الذاتي في المسائل المتصلة بشؤونها الداخلية والمحلية، وكذلك في سبل تفعيل مهام الحكم الذاتي  التي تضطلع بها" .

هذا عدا عن المواد الأخرى التي تكفل وجود الشعب الآشوري بكرامة في أرضه التاريخية، بغض النظر عن مواقف دولة العراق ودستورها - الشتيمة كون الدول المتخلفة مـُـجبرة دولياً على تنفيذ هذه المواد حين يكون هناك من يطالب بها، وهذا المطلب منطقي وشرعي ضمن ميثاق الأمم المتحدة أيضاً، من خلال المواد التي تتعلق بإنشاء الأقاليم وذلك كما يلي :

الفصل الحادي عشر: الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي (المادة 73) : [ يقرر أعضاء الأمم المتحدة - الذين يضطلعون في الحال أو في المستقبل بتبعات عن إدارة أقاليم لم تـنل شعوبها قسطاً كاملاً من الحكم الذاتي - المبدأ القاضي بأن مصالح أهل هذه الأقاليم لها المقام الأول، ويقبلون أمانة مقدسة في عنقهم، الإلتزام بالعمل على تنمية رفاهية أهل هذه الأقاليم إلى أقصى حد مستطاع في نطاق السلم والأمن الدولي الذي رسمه هذا الميثاق ] .

الفصل الثاني عشر: في نظام الوصاية الدولي (المادة 75 ) : [ تنشئ "الأمم المتحدة" تحت إشرافها نظاماً دولياً للوصاية، وذلك لإدارة الأقاليم التي قد تخضع لهذا النظام بمقتضى إتفاقات فردية لاحقة وللإشراف عليها، ويطلق على هذه الأقاليم فيما يلي من الأحكام اسم "الأقاليم المشمولة بالوصاية" ] .

هذه القوانين التي يجب أن تكون عماد حركة قومية آشورية (مفترَضة) في المهجر الآشوري، متوفـّـرة في منظمة دولية تعمل على مبدأ "لا قيمة للقوة أو الضعف أمام قانون الأمم، حيث يتساوى القزم والعملاق" (المادة /18/ من قانون الأمم– المشرّع الدولي أيمريك دوفاتيل) - فيما لا يزال المهجر الآشوري حبيساً في الكابوس العراقي وتخلـّـف قمقم برزاني والمالكي ودستورهم الإجرامي المهين للشعب الآشوري، ويعدّ سكوت المهجر الآشوري عن ذلك جريمة كبرى بحق الأمة الآشورية كونه ليست هناك أية منظمة آشورية تعاملت مع الواقع الآشوري من خلال أية منظمة دولية، سوى ما سمعناه مؤخراً عن انتقال التسوّل المادي لدى الساسة الآشوريين في العراق إلى الأمم المتحدّة بعد انخفاض رصيدهم الشعبي في المهجر الآشوري وذلك بانضمام حركة يونادم كنــّـا تحت قناع "الجمعية الخيرية الآشورية" إلى المجلس الإقتصادي الإجتماعي للأمم المتحدة (الإيكوسوك) التي عبرها يكتفي كنــّـا بالمطالبة بالدعم "المادي" للمدارس التكريدية التي أتينا على ذكرها، هذا فيما يهاجر العراق يومياً مئات الآشوريين (هذا في أيام السلم) بسبب ما أتينا على ذكره وفيما يتم إحتلال الأرض الآشورية شبراً شبراً .

وإن أهمّ وأقوى رسالة من المهجر الآشوري إلى الساسة الآشوريين لا يمكن أن يتم فهمها إلا من خلال مقاطعة الإنتخابات الكردو - إسلامية في العراق، ووقف المساندة المادية نهائياً وطردهم من المهجر كلما تسللوا إليه لبث أفكارهم الفاسدة، ولو تطلب ذلك أساليباً جديدة .

ولكي يبدأ آشوريـّـو المهجر بالخطوة الأولى نحو مشروع "الأمن الآشوري"، عليهم أولاً أن يبرزوا المسألة الآشورية في العراق كمشكلة على الساحة، فمشكلة الآشوريين اليوم هي أنهم ليسوا مشكلة، وأنهم لا يقرأون التطوّرات الدولية وسياسات الدول العظمى التي تعتمد على مساندة (ولو لمصلحتها) الشعوب المـُـضطهَدة ... خصوصاً بعد التغيّرات السياسية العالمية التي من خلالها برز تيار معارض بوضوح ضدّ سياسة الولايات المتحدة ومخلفاتها السياسية – الإقتصادية في الشرق الأوسط، وذلك من خلال الإنتفاضة الروسية – الصينية التي برزت مجدداً كقطب قويّ في وجه صنــّـاع العراق، لا بل حتى الصراع الأوروبي – الأميركي على الميراث السوري المـُـفتـرَض خصوصاً بعد أن تلقــّـت أوروبا ضربة إقتصادية قاضية تعيش نتائجها اليوم من خلال أزمة اليورو بعد إهمالها مسألة إسقاط صدام حسين وفقدانها حصتها من احتلال العراق .

إذاً هناك اليوم محاولة إثبات وجود في الشرق الأوسط من قبل قوى إقتصادية وحتى عسكرية وسياسيـّـة عظمى، منافسة إقتصادياً للولايات المتحدة (دول البريكس – دول اليورو)، ومنددة بتصرفات أميركا في الشرق الأوسط، وما رسالة الإتحاد الأوروبي للمالكي حول "وجوب قبول العراق بالحماية الدولية للمسيحيين" في أيلول/2011 سوى طعنة لسياسة أميركا التي تعتبرها أوروبا مهملة لمصير الشعوب الأصيلة في الشرق الأوسط ولكن كما جرت العادة، سكت المالكي وقفز يونادم كنــّـا مجدداً بدون أن يطالبه أحد بذلك، مصرّحاً عوضاً عن المالكي وردّاً على مطلب الإتحاد الأوروبي، بأنه ضد أي تدخــّـل خارجي في العراق متناسياً من الذي جلبه وأسياده إلى الحكم، وبأنه مجدداً يريد "كل العراق" منطقة آمنة متناسياً بأنه يتمتع بحماية مسلحة بعكس شعبه الأعزل ... ومن هنا، فإن مشكلة المهجر الآشوري هي أنه لا يدرس التغيـّـرات الدولية ولا يحاول دخول اللعبة الدولية، موهماً نفسه تبريراً لكسله بأن "الواقع" في العراق على بعد آلاف الأميال، لا يسمح بذلك.

وكثيراً ما يتمّ تناول موضوع المنطقة الآمنة الذي طـُـرح مؤخراً من قبل ناشطين آشوريين مستقلين في المنابر الأوروبية والروسية، بشكوك غير مبررة، حيث يبدأ الساسة والمستكـتبون بالتحليلات السياسية والحكم على الأحداث قبل حدوثها ... علماً أنه ليست هناك أية مشكلة قانونية في طرح "المنطقة الآمنة" أو "الحماية الدولية" كون العالم المنفتح  يفهمها إنطلاقاً من حقوق المجموعات الثقافية المعرّضة للزوال، ووجوب الحفاظ على ثقافتها وفق القوانين الدولية أمام فرضيـّـة الواقع المرير ... هذا لو تحرّك المهجر الآشوري بالشكل المطلوب تجاه قضيته العادلة ... فما يحتاجه المهجر الآشوري هو تفعيل مسألة "الأمن الآشوري" في المنابر الدولية وبأسرع وقت، وكلما تأخــّـر في ذلك، كلما تعزّزت ذرائع الحــُـزيبات الآشورية وأسيادها من الأعداء حول "الواقع"، لأن هذا الواقع دائماً يسير نحو الأسوأ مقارنة بالعقود الماضية ... حيث لم يكن يوجد في السبعينات قبراً كردياً في نوهدرا (المكرّدة إلى "دهوك") - بينما اليوم من النادر أن نجد آشورياً يعيش في منزل جدّه .

وفي النهاية، بعد أن جرب آشوريــّـو المهجر كل ذريعة لتغطية كسلهم وبعد أن أجبروا أنفسهم على تصديق ذرائع ساستهم لتبرير كسلهم، من الجدير بهم تجربة طرق أخرى، فالخوف لدى الشعب الآشوري هو الذي يجب أن يكون الدافع لنشر القضية الآشورية، والجبن لدى الساسة الآشوريين لن يعالـَـج إلا بالكيّ السياسي أو غير السياسي لو لزم الأمر، وبما أن قضايا الشعوب كلها تولد بعيدة عن الواقع ولكن من قلب الحقيقة، من هنا فعلى المهجر الآشوري الحرّ أن يعمل – على الأقل – حسب إمكاناته التي تختلف كلياً عن إمكانات "الشعب" الآشوري تحت نير الإحتلال الكردو - إسلامي، وعدم الإكتراث للخطابات المملة للساسة الآشوريين المتسوّلين القادمين من تحت عباءة الإحتلال، وعندها فقط سيدرك المهجر مدى قوته، وهذا لن يتم إلا بواسطة الآشوريين الجاهزين فكرياً ومادياً، بالإضافة إلى الأغلبية الصامتة التي لا تشارك – مشكورة - في الإنتخابات الكردو - إسلامية في العراق، للقيام بتـأسيس مجموعات قومية ناشطة في بلدان المهجر وانتشار هذه المجموعات في الخارج ثم عقد مؤتمر عالمي يتبنـّى مطلب الأرض الآشورية بغضّ النظر عما إذا كان ذلك ضمن عراق واحد أو عشرة عوارق – فالأمن القومي الآشوري يجب أن يكون حتماً فوق اعتبار عراق على هذه الشاكلة، إلى أن يتحوّل إلى "جمهورية أفلاطون" المثالية.

٢٠١٢-٠٣-٢٥

ألقوش ألقوش … إنحني خجلاً أمام يونس




آشور كيواركيس 

بيروت - 26/03/2007 


بتاريخ 21/آذار/2006 نشر موقع "عنكاوا كوم" الآشوري، تقريراً حول احتفال للحزب "الديموقراطي" الكردي، بعيد رأس السنة الفارسية "نوروز" في بلدة ألقوش، وهذا نص التقرير :

بمناسبة عيد النوروز نظمت محلية ألقوش للحزب "الديمقراطي" الكرxxx مسيرة راجلة شارك فيها العشرات من منتسبي الحزب في ألقوش والمناطق التابعة لها، وانطلقت المسيرة من محلية ألقوش للحزب واتجهت صوب السوق القديم لتعود مرة أخرى، وعلى أحد التلال في ألقوش تجمهر المشاركون في المسيرة وأشعلوا النار إبتهاجاً بهذه المناسبة، وفي وقت لاحق وزع البارتي مئات الشتلات لتزرع في المنطقة، كأحد مراسيم العيد – إنتهى


الرابط: http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,82105.0.html 

ليس من الغريب أن يسارع موقع عنكاوا إلى صياغة ونصّ هكذا تقرير بصوره المخيبة، وليس من العيب ولا من الخطأ أن يهنئ الآشوريون جيرانهم الأكراد بالعيد الذي يحتفلون به، ولكن تجنب الإحتفال برأس السنة الآشورية في بلدة آشورية عريقة بشهامتها، والإحتفال عوضاً عن ذلك بالعيد الفارسي، يأخذ طابعاً سياسياً ذا أبعاد خطيرة وبشكل خاص عند تكرار هذا التصرّف الأرعن كل سنة، وذلك أمام سكوت "المثقفين الثوريين" من أبناء بلدة ألقوش الأبيـّة كما يشهد لها التاريخ.

وهذه الظاهرة البشعة ليست محصورة بألقوش وحدها، لا بل بالعديد من القرى والبلدات الآشورية المكرّدة جغرافياً أو المستكردة فكريــاً، وهذا يعود إلى ثقافة التكريد المباشر التي يحاول الأكراد فرضها منذ العام 1961، والتكريد الغير مباشر المتمثل بسكوت بعض المجموعات السياسية الآشورية لأهداف مادية أو مناصبية على مدى عقود، ما يـُعرَف بـ"العهر السياسي" والذي لا تزال تلك المجموعات تفتخر به وتعتبره نضالاً، لا بل تمارسه وغيرها من المجموعات المستكردة، في سياق تنافسي على الولاء للسيد الكردي، خصوصاً بعد ازدياد المؤتمرات المشبوهة وبروز وجوه جديدة على الساحة بدأت تضرب على نفس الوتر الجامع لأصوات الناخبين : وتر التسميات القطارية.

ومن ناحية أخرى، وبعيداً عن التعامل مع الأحزاب التكريدية تحت عنوان الآشورية، هناك بعض الآشوريين الذين أعمتهم الثورية العوجاء، أي الثورية الغير قومية فيما كان العراق يتآكله التعصّب القومي سواء كان قبلـيأ تكريدياّ أم بعثيـاً عروبياً، فقد ساهم الآشوريون في بناء وتوسيع الشيوعية في العراق فكراً ونضالاً ولكن ذلك لم يأت عليهم إلا بالمصائب بحيث تحوّلت الشيوعية إلى أساس للفكر الثوري القومي الكردي وساهمت في بناء وتطوير هيكليـة الأحزاب الكردية وتثقيفها، فيما بقيَ الآشوريون الشيوعيون حتى اليوم "خراف عراقيين" وسط الصراعات القومية التي ترفسهم من موقع لآخر برضاهم وبدون أن يهتموا لمصيرهم كقومية ذات ثقافة معرّضة للزوال وبشكل خاص في "العراق الجديد".

مهما يكن ... إن موضوع ألقوش الحبيبة لا يختلف عن بعض ما جاء في هذه المقدمة المزعجة لصبيان البرزاني، فرغم كون ألقوش عرين الأسد الآشوري عبر التاريخ، إلا أن الجهل - وهنا لا أقصد الطب والهندسة، بل الجهل القومي – الذي تسببت فيه أحداث التاريخ ومواعظ رجال الدين منذ تعيين أول مطران كاثوليكي في العراق عام 1845، قد ساهم في بناء فكر قومي ركيك من السهل اختراقه من قبل أية نزعة قومية، كردية كانت أم عربية.

إن هذا التقرير المخجل بحق ألقوش الآشورية العريقة كان من المفترض أن يثير ثائرة أبنائها الشرفاء والواعين الذين يدّعون حرصهم على تاريخهم وتراثهم الآشوري، وما يثير العجب هو المقاربات بين الماضي واليوم في احتفالات ألقوش، أمجادها في الماضي وانهزاميتها في الحاضر، فالسوق القديم الذي يذكره تقرير موقع "عنكاوا كوم" بالذات، والذي سار فيه موكب التكريد الألقوشي، هو نفس السوق الذي احتضن مواكب أكيتو في إحتفالات رأس السنة الآشورية، ممجدة آشور، إله ألقوش الأعظم، "كبير الآلهة وسيد السموات والأرض" كما يصفه الملك آشور نصربال في صلواته.

ألقوش وجبلها

ومن ذلك السوق بالذات، وبعد ساعات على مذبحة الآشوريين في قرى آشور، إنتفض يونس إبن ألقوش، صاحب المتجر المتواضع، في ظهيرة السابع من آب عام 1933بوجه زعيمه الروحي الذي توجه إلى ساحة ألقوش منادياً اللاجئين الآشوريين الذين نزلوا البلدة هرباً من مجازر رشيد الكيلاني وجلاده الكردي بكر صدقي، حيث قرأ "سيـدنا" الزعيم الروحي رسالة رمتها الطائرات البريطانية تطالب اللاجئين بالتجمع عند جبل ألقوش ليـُساقوا إلى المذبحة كالخراف، وهنا لم يحتمل يونس ما سمعه، فدخل وسط الجموع متدافعاً بينهم، حيث وقف في وجه "سيدنا" أمام أهالي البلدة ولـَعَـنه ومن معه بكلمات جارحة وصلت حتى إلى شتم الكنيسة والفاتيكان والراهبات اللواتي كنّ برفقته، ففرّ الزعيم الروحي مهرولاً كالطفل المذعور.

وبعد فرار "سيدنا" كان جمع غفير من أهالي ألقوش يتجمهَر في ساحتها الشاهدة على مجازر محمّد باشا الراوندوزي (ميركور الكردي) عام 1832، وقف يونس وسط الجموع فيما تعالت صيحات بكاء أطفال جيلو وغاور ونوجـيا وألبق وسارّة وسيويني وغيرها ... مرددين بعفويتهم بكاء أمهاتهم اللواتي سمعن ما قرأه الزعيم الروحي الفارّ، ونادى يونس رجال ألقوش ذاكراً التلال التي تجمهر فيها المستكردون المذكورون في تقرير "عنكاوا كوم"، حيث صرخ قائلاً بالحرف الواحد:

"يا أبناء ألقوش ... يوجد على جبل ألقوش مخفر قوامه سبعة عناصر من الشرطة، إحملوا سلاحكم ولنهاجم فوراً، فمتى احتلينا الجبل والتلال المحيطة سيكون بمقدورنا مقاومة الحكومة لسنوات، إلى حين تنفذ أسلحتنا ويتم قتلنا بكرامة مع اللاجئين ...".

بهذه الكلمات القليلة أغلق يونس السوق والبلدة حيث انصرف الرجال يتحضرون لقتال الحكومة ويوزعون الأسلحة فيما بينهم وعلى من يستطيع القتال من اللاجئين، وترددت صرخات يونس في القرى المحيطة مستنفرة شبابها للقتال، وأمام ذلك وجدت الكنيسة الكلدانية نفسها مجبرة على توجيه نداءٍ إلى صانعتها الفاتيكان، مطالبة إياها بالتوسط لدى الحكومة العراقية وصانعتها بريطانيا، لإلغاء قرار المذبحة من أجل تجنـّب توريط القرى المتكثلكة في الصراع مع الحكومة، وفوراً إستجاب الفاتيكان ببرقيـّة إلى الحكومة العراقية والإنتداب البريطاني، حيث تم إلغاء الفرمان في نفس اليوم وتم إنقاذ ألقوش ومن فيها من آلاف اللاجئين الآشوريين.

صورة من تقرير موقع "عنكاوا كوم"

هكذا عرفناك يا ألقوش، وهكذا نريدك أبيـة أبداً، إرمي ثقافة الإستكراد التي زرعتها فيك الشيوعية العراقية الفاشلة، وتخلصي من انحلالك القومي الآشوري الذي زرعه فيك سفراء الكثلكة، واصفعي  كهلك أبا الشنب العريض الذي يسير عارم الصدر رافعاً ذلــّه مفتخراً، وعلمي صغيرة آشور إبنتك التي تسير خلفه من هي إيسيغا إيلاني الألقوشية لتمتثل بها، وسلّحي صبيـّك الذي يسير خلفها حائراً تائهاً ... سلّحيه بفكر يونس لكي يخلصك من ثوريـّـتك العوجاء، لتعودي "ألقوش" بمعنى الكلمة، قلب آشور النابض، الرابض على سفح جبل عذرى.

* قصة يونس، من ذاكرة جدّ الكاتب الذي كان شاهداً على الحادث في السوق، ولاجئاً في بيت يونس مع إبنه الوحيد الذي كان في الثامنة من عمره آنذاك – آب/1933.


برزاني !! أية بشرى سارة تتحدث عنها ؟


الجمعة، 23 آذار، 2012 الساعة 00:35
في حربه الكلامية مع رئيس وزراء العراق نوري المالكي هدد البرزاني المالكي ضمناً باعلان بشرى سارة للاكراد والتي تم تأجيل أعلانها ,  ولم يكن غافياً علينا ان ما يهدد به هو اعلان دولته... ففي هذا الظرف الزمني الذي يبدو ان البرزاني قد غيّر حساباته في اعلان دولته التي كان من المتوقع ان يعلنها في يوم نوروز 21 اذار الا ان توقعاتي , وهي مجرد توقعات ليست الا , الا انها نابعة من استقراء للمخطط العام في محو الاشورية وجودا وتاريخا من تاريخ العراق وخاصة في رقعة دولة المستقبل الكردية بأنه سيعلن دولته في يوم 1 نيسان عيد راس السنة الاشورية ليدفن الحلم الاشوري في يوم راس سنتهم وبهذا سيكون تقليدا سنويا بالاحتفال باعلان دولتهم في كل راس سنة اشورية وبهذا يتم محو السنة الاشورية ليحل محلها ذكرى تاسيس دولتهم وحتى ان احتفل الاشوريون بسنتهم في الاول من نيسان سيكون متزامنا مع ذكرى اعلان دولة الاكراد وسيظهر الاشوريين بانهم يحتفلون بتاسيس دولة الاكراد... انها سياسة احالة تاريخ محل تاريخ لمحو واقع  تاريخي مستهدف!!
 فهكذا وبكل بساطة يستولي الاكراد على اراضي وممتلكات الاشوريين في اقليم آشور شمال العراق ليحيلوه الى دولة كردستان وفي وضح النهار ... سرقة بأمتياز تحت مرمى ومسمع حكومة العراق التعيسة التي لن يكون لها أي أعتراض على قيام دولة الاكراد في حالة أعلانها على حساب الشعب الاشوري صاحب الارض وعلى حساب ارض العراق , لن تعترض حكومة العراق حتى وان كان لمجرد التمثيل لمجاملة حق العراق التاريخي في ارض تعود عائديتها الى شعب العراق الاصلي لمدة 6762 سنة والتي سيحتفل بها الشعب الاشوري بالسنة الاشورية في اليوم الاول من نيسان هذا العام !!! ماذا يجري في العالم ؟ هل انتهى مفعول الحق , هل هناك حق يمكن الركون اليه لاستصراخ ضمير البشرية في الدفاع عن حقوق السكان الاصليين للعراق؟؟ انها صدمة للشعوب المضطهدة التي تصحو فجأة على سياسات جديدة لا تعترف بالحق التاريخي المدعوم بالوثائق والمعروفة في كل دول العالم التي تثبت ان شمال العراق آشوري وان الاكراد دخلاء على مجتمع العراق ولم يكن لهم وجود وأي أثر تاريخي  يذكر في تاريخ بلاد الرافدين وما تواجدهم الاحتلالي لارض اشور شمال العراق الا في ال 150 سنة الاخيرة ولهذا تم تصنيف وجودهم ضمن فئة اقل من 200 سنة في تاريخ العراق بموجب قانون الاثار العراقي رقم 55 لسنة 2002 , كل هذا ولعدم أهمية الموضوع الاشوري في عقول الساكتون عن الحق من حكومات عراقية وعربية وعالمية , سيعلن البرزاني دولته وليذهب حق الشعب الاشوري في ارضه هباءً منثورا !!
 أنها الطامة الكبرى حينما يكون المجتمع الدولي ساكتاً على ما يجري في البلاد العربية برعاية راعية الاحتلالات تحت ذريعة تسويق الديمقراطية للشعوب التي فلت زمام امور اوطانها نتيجة الفوضى العارمة والتي يتم تنفيذها بدقة نتيجة تكنولوجيا نظريات سياسية جديدة لا تُدرس في الجامعات وفوق مستوى أهل الاختصاص في السياسة حيث ما تعلموه صار في ليلة وضحاها من اوراق العهد القديم وعليهم ان يعيدوا النظر في السياسة التي تعلموها سابقاً.
 أنها اوراق طبعة نسخة جديدة محدودة التداول بين مؤسسي تكنولوجيا الفكر السياسي الجديد التي يتم برمجتها واطلاقها ليتم تنفيذها على يد شعوب نفس الاوطان المبتلية بها , ليتم تحطيم تلك البلدان وارجاعها الى عصور التخلف بأستخدام ادوات ترهيب الشعوب بالدين التي اكل عليها الدهر وشرب ...ما الذي أستفاد العراق من ديمقراطية الكذب والفساد المستشري الذي لوّث حياة العراقيين كالآفة في كل شبر من ارض العراق وفي كل بيت وشارع غير الموت الذي يحصد ارواح العراقيين على مدار الساعة؟ وكل هذا الذي يحصل يتم تصويره في عيون شعب العراق على انه أحداث طارئة تريد النيل من العملية السياسية الا ان الواقع يقول لنا انه لا وجود لعملية سياسية في العراق لان السياسة مفقودة اساساً وكل ما متوفر هو عمليات تصفية وانتقام وجرائم قتل وفساد مالي واداري وهذا لا يرتقي الى مستوى سياسة بل فوضى في احسن احوالها وهذا ما أتت به شحنات الفوضى العارمة التي رست على الرصيف العراقي بباخرة الديمقراطية الجديدة .
سيكون يوم شؤم على الاشوريين في العراق وفي المهجر في كل دول العالم حينما يعلن البرزاني دولته , دولة الحرامية بامتياز وسوف لن ينساها الاشوريون له وكل من يعترف بدولته وليعلم البرزاني ان لم يكن اليوم أو غداً أو بعد قرن فأن الاجيال الاشورية التي شرّدها من ارضها وسلب ممتلكاتها ستلد اجيالاً لا رحمة في قلوبها تجاه أي كردي من أمثال البرزاني وما زرعت يد البرزاني من ظلم واضطهاد ضد الشعب الاشوري في عمليات الابادة الصامتة التي انكشفت خلفياتها الارهابية للرأي العام العراقي والاشوري والعالمي , نقول ما زرعته يد البرزاني واعوانه ستحصده أجيالهم من ردود افعال الاجيال الاشورية القادمة وسيكون الحساب بين اجيال آشور والاجيال الكردية القادمة وحينها سيكون لكل حادث حديث ... تباً للبرزاني ولدولته على ارض آشور المحتلة في لحظة اعلانها .  وليتوشح الشعب الاشوري بالسواد يوم اعلانها.


http://kitabat.com/index.php?mod=page&num=3819 

٢٠١٢-٠٢-٢٣

نينوى الآشورية..


نينوى الآشورية.. 
مدينة الاساطير والمخلوقات العجيبة


انها من اجمل مدن العالم، بهية زاهية، تحتضن جمالها وتنام على كتف بواباتها بانتظار اشراقة توقد فيها ذلك التألق، وتعيد اليها دبيب الحركة والحس والحياة..
انها مدينة نينوى الاشورية مدينة الاساطير والمخلوقات العجيبة،
يطل من بعيد، مخلوق عجيب، بوجه بشري وجسد اشبه بالثور بجلد سمكة وعقبي وذيل اسد، يحلق في سماء المدينة الآشورية نينوى باجنحة نسر عملاق، عندما يظهر ما وراء السور الملتف حول المدينة كأفعوان يغفو على كتف المدينة التي يحرسها.


تلك المدينة العجيبة، المسكونة بحكايات وحكايات لا تقل بغرابة مضمونها عن شكل الثور الطائر بجناحي نسر ومخالب اسد ووجه انسان وجلد سمكة.



انه الثور المجنح الذي وصفه كاتب الدولة وحامل اختامها في قصر الملك سنحاريب بأنه الكائن الآشوري الذي يرمز الى القوة والحكمة ورخاء الدولة، وجاء في لوح طيني تم العثور عليه في مكتبة اشور بانيبال


ان عظمة الدولة تكمن في حكمة ملوكها وقوة بأسهم وان هذا الكائن الغامض يرمز الى تلك الحكمة وتلك القوة حيث تم اقامة اكثر من ثور واحد على بوابات المدينة باستثناء بوابة نركال المخصصة لدخول وخروج الملك الى رعيته.


او الى المعابد المنتشرة خارج السور في ضواحي المدينة، ومن هذه البوابة خرج الاله نركال اله الطاعون قبل ان يكون اله العالم السفلي وكان يتمتع بقوة كبيرة يخافه الناس كثيرا وله زوجة لا تقل عنه قوة اسمها الالهة (لاص) فبينما اتخذ الالهة (اريش كيكال) زوجة ثانية له في العالم السفلي كما تشير احدى الاساطير المدونة على رقم اشوري وكانت هذه الزوجة قبل زواجها من نركال هي سيدة العالم السفلي الى ان تزوجت من الاله نركال ليصبح ملكا على العالم السفلي هو الاخر حيث تقول الاسطورة:


ان الالهة اقامت وليمة كبرى لجميع الالهات ونظرا لان ملكة العالم السفلي (اريش كيكال) لم تتمكن من الذهاب الى الوليمة فقد ارسلت مبعوثا عنها ولدى وصول المبعوث الى الوليمة وقف جميع الالهة خوفا وتقديرا واحتراما لسيدته باستثناء الاله نركال الذي رفض الوقوف، فأمرته الالهة العظام ان ينزل الى العالم السفلي لمقابلة الالهة اريش كيكال وتقديم الاعتذار لها 
قبل ان يفعل ذلك اوصاه الاله (ايا) اله الحكمة والمعرفة بأن لايقترب من أي شراب او طعام يقدم له وحذره من الوقوع تحت تأثير اغرائها وسحرها، وقد اتبع نركال هذه التعليمات الا انه لم يقو على اغراء اريش كيكال حيث وقع في حبها وظل معها ستة ايام متتالية


عاد بعدها الى العالم العلوي مؤقتا، غير ان اريش كيكال تعلقت به وزاد شوقها اليه كزوج لها فارسلت اليه مهددة بافناء الخصوبة والحياة من الارض ان لم يعد اليها على الفور، مما اضطر نركال الى الرضوخ الى رغبة اريش كيكال وعاد الى العالم السفلي ليصبح ملكا عليه
لقدسية وعظمة الثيران المجنحة في زمن الدولة الآشورية فقد عكف النحات الآشوري في مشغله بمكان بعيد عن العاصمة نينوى لكي ينحت هذه الثيران بكثير من السرية والتكتم، ليتم بعد استكمال العمل فيها وانجازها على الوجه الاكمل ارسالها الى العاصمة نينوى بعد ذلك.


وقد اشارت الالواح الطينية المكتشفة في مكتبة آشور الى ان المشغل الذي يتولى نحت هذه الثيران يقع في مدينة ( بلد) 50 كم شمال غربي الموصل، وكانت بلد في زمن الدولة الآشورية 4500 - 3800 ق . م من المدن المهمة، كونها تحتوي على مقالع الحجر الصالح لعمل الثماثيل والمسلات وبقية الاعمال المعمارية الاخرى، وقد كانت مركزا فنيا مهما لنحت التماثيل الكبيرة الحجم، ومنها الثيران المجنحة، حيث يتم نقلها بعد الانجاز النهائي الى عاصمة الدولة (نينوى) وبقية المدن والمعابد الاخرى بوساطة (الاكلاك) عبر نهر دجلة، لذلك اطلق على هذه المدينة اسم (الحياة) تقديرا لاهميتها ومكانتها، لكونها كانت تمدهم بكل مقومات الفن والتجديد الخاصة بالقصور الملكية او المعابد المهمة في انحاء الامبراطورية الآشورية.


بصوت كأنه العاصفة، لا يشبه اصوات البشر طلب الي دخول المدينة المسورة ذات البوابات الكبيرة الشامخة المحمية بعشرات المخلوقات العجيبة، ثم اردف:
انك الآن في حضرة العاصمة الثالثة لدولة آشور ، مملكة سنحاريب الحكيم!










تَكْشِفُ لنا النصوصُ والأناشيدُ التموزية عن جانب طقسي واعتقادي ذي أهمية بالغة في الحياة الدينية لثقافات الشرق القديم. فإلى جانب الاعتقاد بوجود قوى إلهية تعمل على حفظ بناء الإنسان ورعاية مصادر عيشه، اعتقد الإنسان القديم بقدرته على الاعتماد على هذه القوى في مهمتها،
إن الإله تموز لم يكن يموت كلَّ سنة، ثم يُبعَث إلى الحياة من جديد، كما تعوَّد الباحثون قوله وتكراره بتأثير ملاحظتهم ولكنه مات، وبُعِثَ إلى الحياة، وتزوج الإلهة إنانا، وليس موتُه وبعثُه كلَّ عام إلا دورة حياة طقسية يجري تكرارُها دراميًّا


رغم أن هذا الجانب من المعتقدات والطقوس الشرقية يصنَّف عادة تحت اسم عبادات الخصب، التي يرى فيها معظمُ الباحثين نزوعًا نحو حفظ بقاء الإنسان وتأمين موارد عيشه، ذلك أن دوموزي–آبسو، ابن الماء الخلاق، مجدِّد طاقة الحياة وحافِظ قوى الخصوبة والنماء، هو، في الوقت نفسه، قاهر الموت الذي حرَّر نفسه من قوى العالم الأسفل. من هنا فإنه الإله الوحيد القادر على إعطاء الإنسان أملاً في تحقيق الخلود، والأخذ بيده، عِبْر برزخ الموت، نحو عالم آخر أكثر بهجة وسعادة من عالمه الأرضي.



تلعب الطقوس التموزية هنا دورًا مزدوجًا؛ والعِباد الذين يحتفلون بعودة الإله الميت من باطن الأرض، حاملاً معه حزم القمح غذاءً للجسد، إنما يستحضرون، في الوقت ذاته، تلك القوة القادرة على دحْر الموت وتحقيق الخلاص من بؤس الحياة الأرضية ومن ظلمات العالم الأسفل. ومن ناحية أخرى، فإن ارتباط فكرة بعث الروح وتجديدها بعبادة الخصب نابعٌ من نظرة الإنسان القديم إلى نموِّ الزرع، باعتباره معجزة غير مفهومة: فالبذور الصلدة الصمَّاء تودَع في الأرض بضعة شهور، لتدبَّ فيها الحياة وتعطي ورقًا وحَبًّا جديدًا. فإذا كانت هذه المعجزة ممكنة في عالم النبات فإنها ممكنة أيضًا بالنسبة للإنسان.



وعودة الحياة إلى العظام الصلبة الميتة ليس أكثر استحالةً من عودة الحياة إلى البذور، لأن القوة الفاعلة في كلا البعثين واحدة. 
ومع هذا الإدراك لإمكانية الخلاص بواسطة الإله الذي مات وقام من بين الأموات، يتحول الموت من مصير فردي مظلم إلى مرحلة تطهير وتجديد، يبلى معها الجسم الدنيوي ويُستبدَل به جسمٌ نوراني قادر على البقاء والاستمرار في عالم الآلهة الخالدين. من هنا تأتي تلك الصلة الغامضة بين آلهة الخصب وآلهة الموت – صلة تبدو من القرب أحيانًا حتى درجة التطابق التام بينها.




لقد انتصر تموز على قوى الظلام، وصعد ظافرًا إلى حياة جديدة. ومعه يصعد الأمل في قلوب المشاركين في الطقس بقدرتهم على قهر الموت، كما قَهَرَه إلههُم الذي يحضر بينهم، ويستشعرون وجوده حقًّا وصدقًا. وها هو يعطي لكلِّ مؤمن وعدًا بأنه سيكون حاضرًا لديه عندما تأتي ساعة المنية، ليقوده في طريق النشور إلى العالم الثاني.


لقد دخل المحتفلون إلى الأسطورة؛ والأسطورة هنا لم تعد قصةً وقعت في زمن ماضٍ، بل واقعٌ حيٌّ، هنا والآن. ذلك أن صيغة الماضي (التي تُروى بها الأسطورة عادة) تتحول، من خلال الطقس، إلى صيغة الحاضر، وتفصح عن جوهرها القائم أبدًا، حيث تتحول مقولة: "عندما في البدء" إلى مقولة: "عندما في الآن".






ويأتي الطقس بالقوى الإلهية، فيجعلها حاضرةً بين المحتفلين، مثلما كانت حاضرةً بين الجيل الأول من الأسلاف، لا باعتبارها كائنات عُلوية تتطلَّب الصلوات، ولكن باعتبارها تمثيلاً للحقائق الفائقة لصيرورة الوجود ، باعتبارها قوى ممتزجة بألم هذه اللحظة التي تنبض بالحياة، وفي الوقت نفسه تغمس جذورها في قرار الموت.

الأسطورة الحق هي الأسطورة التي تفصح عن وجهيها هذين: وجه القِدَم، ووجه الآن المزروع في السرمدية.






إن الوجه الآخر للمعتقَد التموزي، باعتباره معتقدًا للخلاص، لا تُظهِر لنا فى الوثائق الكتابية. والسببُ في ذلك راجعٌ إلى أن عقيدة الموت والخلود التموزية لم تكن العقيدة الرسمية في سومر خلال عصر التدوين السومري (فترة حكم أسرة أور الثالثة 2100-2000 ق م) الذي تمَّتْ في أثنائه عملية تحرير واستنساخ معظم ما نعرفه من النصوص الأدبية السومرية.


 فلقد نضجتْ التصوراتُ اللاهوتية لعقيدة الخلود التموزية منذ عصر ما قبل الأسرات؛ ولدينا شواهد فنية على وجودها منذ عصر جمدت نصر (3100-2900 ق م). ولكن هذه العقيدة تعرَّضَتْ، خلال العصر الصارغوني السامي (2300-2160 ق م)، إلى مقاومة رسمية من جانب اللاهوت الجديد للحكام الساميين، وهو لاهوت يدور حول الآلهة الكوكبية ولا يعير كبير اهتمام لآلهة الدورة الطبيعية التي كانت في بؤرة الحياة الدينية السومرية – ناهيك عن معتقد الخلود الذي تخلو منه 
الديانة السامية خلوًّا تامًا


لقد كان اكتشاف المقابر الملكية لملوك عصر فجر السلالات، في كلٍّ من مدينتي كيش وأور، أول ما لَفَتَ النظر إلى عقيدة الموت والخلود السومرية. ففي موقع مدينة كيش تمَّ اكتشاف عدة مقابر ملكية احتوتْ، إلى جانب المدفون الرئيسي، وعثرعلى جثث عدد من حيوانات الجر، وعلى جثث عدد من الخدم والأتباع الذين رافقوا سيدهم إلى العالم الآخر. كما وُجِدَتْ بين المدفونات الجنائزية مناشير من النحاس وأزاميل. ويخدم وجود هذه الأدوات غايةً رمزية تتصل بالاعتقاد بأن الملك، الذي لعب في حياته دور الإله تموز، سوف يحرِّر نفسه من القبر ويُبعَث من جديد،

كما فعل تموز قبله.




ولسوف تتضح هذه الأفكار والممارسات المتعلقة بالبعث والنشور بشكل أكبر في مكتشفات المقابر الملكية لأسرة أور الأولى.


ففي موقع مدينة أور، على مقربة من المعبد الرئيسي لإله القمر نانا، اكتشفتْ بعثةُ التنقيب البريطانية برئاسة السيد ليونارد وولي، في العام 1953، أرض مقبرة سومرية واسعة،



احتوتْ في سويتها العليا على حوالى 1850 قبرًا سطحيًّا من النوع العادي البسيط، المخصَّص لدفن عامة الناس. أما في سويتها السفلى فقد تمَّ اكتشاف ست عشرة مقبرة نفقية على عمق عشرة أمتار من سطح الأرض؛ وتبيَّن من نقوش الأختام الأسطوانية التي كانت بين الهدايا الجنائزية أنها كانت مقابر لملوك أور الأولى وزوجاتهم.

ورغم الاختلافات البسيطة في طريقة تنفيذ هذه المقابر، إلا أنها تنتظم وفق مخطَّط معماري واحد، وجرى الدفن فيها وفق طقوس جنائزية متشابهة. تتألف المقبرة الواحدة من ردهة رئيسية مخصَّصة لدفن الملك، ومن غرفة أخرى أو أكثر لدفن الأتباع الذين رافقوا ملكهم طوعًا إلى مثواه الأخير. وسنقدِّم، فيما يلي، وصفًا لأهم هذه المدافن، وهو مدفن مزدوج مخصَّص للملك أبارجي وزوجته المدعوة شبعد



في الردهة المخصَّصة لمدفن الملك كانت الحجرة مثقوبة من الأعلى، وجثة المدفون الرئيسي مفقودة؛ وهذه واقعة تتكرَّر في بقية المدافن الملكية. وقد عُثِرَ قرب المكان المخصَّص لدفن الملك على قارب صغير من الفضة، وآخر من النحاس مع مجاذيفهما. وبما أن طول الواحد


منهما لا يتجاوز المتر فإن وجودهما يخدم غاية رمزية، مثلهما في ذلك مثل الإناء الحجري الذي وُجِدَ على مقربة منهما، ويحتوي على أدوات نحاسية، بينها مثقب ومنشار وإزميل، وأيضًا منشار ذهبي وإزميل ذهبي.الادلة تؤكد ان عبادة القمر كانت فى كامل نشاطها في العصر المسيحي .








كما عُثِرَ على لوحة من الفضة ذات شكل شطرنجي، مقسمة إلى مربعات، في كلِّ مربع مناظر وأشكال منفَّذة بأسلوب الترصيع بالفضة واللازورد. ومن أوضح المَشاهد المصورة في هذه المربعات هناك زهرة ثُمانية الوريقات وشجرة بين حيوانين أهليين يشبَّان على قوائمهما الخلفية ويقضمان من أوراقها، وصراع بين ثور وأسد (الشكل 1).







بعض المَشاهد المصورة على لوحة المربعات من مقبرة الملك السومري أبارجي
وكما سنرى بعد قليل فإن جميع هذه المَشاهد من الفن المصوَّر ذات صلة بعقيدة تموز–إنانا. أما في المكان المخصَّص لدفن الأتباع فقد عُثِرَ على 57 جثة ممددة قرب بعضها بعضًا، إضافة إلى ستة محاربين، بخُوَذِهم النحاسية ورماحهم.




الراعي الملكي ذو التنورة الشبكية



وخلف هؤلاء تقف عربتان بأربع عجلات، مع جثث حيوانات الجر من الثيران والسائقين وخدم العربات. كما رافقتْ الملك أيضًا تسعة نسوة بكامل زينتهن، من حلي ذهبية ومشابك شعر فضية وأكاليل من اللازورد والعقيق وغيرها. ويتضح من وجود الأدوات الموسيقية قرب هؤلاء النسوة أن هذه المجموعة كانت تؤلف جوقة الملك الموسيقية.



الحقل الأعلى من قيثارة جوقة الملك



بين الأدوات الموسيقية تلفت نظرنا، بشكل خاص، قيثارةٌ كبيرة، رُصِّعَ وجهُها الأمامي بعدد من المَشاهد، موزعة على أربعة حقول متوضعة فوق بعضها بعضًا. في الحقل العلوي الرئيسي نجد صورةً لرجل عارٍ متمنطق بحزام، ذي شعر أجعد ولحية مضفورة، وهو يقبض بكلتا ذراعيه على ثورين لهما رأس آدمي ولحية. وهذه هي إحدى التمثيلات الرئيسية للإله تموز من ذلك العصر .


وفي الحقول الثلاثة الأخرى لدينا مَشاهد لحيوانات منتصبة على قوائمها في أوضاع شتى، بعضها يحمل في يديه جرار شراب وبعضها يعزف الموسيقى. ويوحي أسلوب تنفيذ رسوم هذه الحيوانات بأنها تمثِّل آدميين متنكِّرين بلباس حيوانات؛ الأمر الذي يستحضر إلى الذهن كرنفالات الربيع المرتبطة بأعياد تموز.





ختم يمثل مشهد الشراب في الأعلى وصراع البطل حامي القطعان مع الأسد










وبملاصقة مقبرة الملك أبارجي، تمَّ العثور على مقبرة أخرى مخصَّصة لزوجته الملكة شبعد. وقد وُجِدَتْ جثة الملكة في مكانها، في كامل زينتها الملكية الباهرة، إضافة إلى جثث أربعة حراس متمنطقين بخناجر، وتسعة نسوة، تبيَّن من زينتهن أنهن من الكاهنات. وكانت يد إحداهن ما تزال على أوتار آلة موسيقية حتى وقت الاكتشاف؛ الأمر الذي يدل على أنها بقيت تعزف حتى آخر لحظة من حياتها.










وقد زُيِّنَتْ واجهةُ هذه الآلة الوترية أيضًا بعدد من المَشاهد المرصعة والمتوضِّعة بعضها فوق بعض. في الحقل الأول نجد نسرًا برأس أسد يقبض بمخالبه على عنزتين؛ وفي الحقل الثاني شجرةً يشبُّ عن يمينها ويسارها ثوران؛ وفي الثالث بطلاً في هيئة هي مزيج من إنسان وثور يقهر نمرين؛ وفي الرابع صراعًا بين أسد وثور. وجميع هذه المَشاهد تنتمي إلى دائرة الفن المصور لعقيدةتموز وإنانا





ويعلق السير ليونارد دولي على هذه المقابر النفقية التي اكتشفها بقوله إن الملك السومري المتوفى كان يصطحب معه جميع أفراد بلاطه وحاشيته. فهؤلاء المدفونين مع الملك لم يكونوا من العبيد الذين أُجبِروا على الموت، بل من الأتباع ذوي المكانة في القصر. وقد جاؤوا بكامل لباسهم الرسمي إلى المقبرة لتأدية طقس طوعي من شأنه، في اعتقادهم، أن يعبُر بهم من عالم إلى عالم آخر، ومن خدمة إله على الأرض إلى خدمة نفس الإله في عالم ثانٍ. إن كلَّ الدلائل تشير إلى أن هؤلاء المتطوعين قد وصلوا أحياء إلى المقبرة.








ومن الجائز أنهم قد تناولوا هناك شرابًا قاتلاً، وبعد مفارقتهم الحياة تمَّ ترتيب جثثهم في وضعيتها الأخيرة قبل إغلاق القبر.






رحلة إلاهة الخصب إلى عالم الأموات



قررت ((عينانا)) القيام برحلة إلى عالم الأموات أوالعالم السفليّ كما يسميه السومريون. وبعد إجراءات معقَّدة سُمح لها بدخول "عالم اللارجعة" بعد أن جُرِّدت من ثيابها وحليّها وتاجها. ولكنْ عندما عبرت البوابة السابعة والتقت أختها (إيرشكيجال) إلهة العالم السفليّ، استشاطت هذه غضباً وأمرت وزيرها (نمتار) أن يسجن أختها (عينانا) ويطلق الأرواح الشريرة عليها لتعذيبها.



وعندما أحست الآلهة والناس وسائر المخلوقات بأن مكروهاً وقع لإلهة الخصب (عينانا) عمّ الحزن، واستنجدت الآلهة بأنكي إله الحكمة لتحرير (عينانا). فأخذ أنكي شيئاً من الطين وصنع منه مخلوقين أعطى الأول منهما (طعام الحياة) والثاني (ماء الحياة) وأمرهما بأن ينزلا إلى العالم السفليّ وينثرا ما يحملان على جسد (عينانا) لتعود إلى الحياة من جديد.


وأخذت (عينانا) أُهبتها للخروج من عالم الأموات. ومرَّت في طريق عودتها بالبوابات السبع التي دخلت منها. وعند كلِّ بوابة يُعاد إليها ما سبق أن أُخذ منها. غير أن خروجها إلى عالم الحياة كان مشروطاً بتقديمها بديلاً عنها يأخذ مكانها في العالم السفلي. ولهذا لازمتها عند خروجها زمرة من الشياطين لتنفيذ الشرط.



الأوّل من نيسان

رأس السنة الآشورية


من بلاد آشور المعروفة بأسم "ما بين النهرين" ( أي ما بين الدجلة والفرات)، انطلقت الحضارة الأولى في البشرية، وولّدت فكراً ثقافيّاً متكاملاً ساعد على بناء الأسس العلمية والدينية لكافة الحضارات. وبابل التي ستأخذ حصّة كبيرة من الأسطر التالية، ما هي إلاّ مدينة آشورية كما يؤكّد المؤرّخ الأغريقي هيرودوتس حين يقول : " بعدَ أن سيطر قوروش الفارسي على بقاع واسعة، قرّر احتلال آشور حيث المدن العظيمة وكانت "بابل" أقواها وأكثرها شهرةً، وقد انتقل اليها كرسي الحكم بعد سقوط نينوى... ".

ولو تعمّقنا في حضارة بلاد آشور، لوجدناها أوّل من وحّدت الإله الخالق، الغير منظور وعظيم كلّ الآلهة، لكن تحت إسمٍ مختلف كلّ مرّة، حيث نجد الإله إنليل السومري الذي قتل تنين البحار ليحلّ السلام في الكون، ثم مردوخ أو آشور في بابل ونينوى، وانتقلت الفكرة إلى الشعوب المجاورة حيث الإلهة "عناة" حبيبة "بعل" عند الفينيقيين قتلت التنين في ملحمة الخلق الكنعانية وحتى يهوا عند العبرانيين هو البطل الذي قتل التنين في اسطورة التوراة ( إشعيا 27: 1- إشعيا 9:51 - المزامير: 11:74/ 13 و11:89) كلّ تلك الآلهة التي قتلت تنين الشر في الأساطير، كانت لتعبّر عن الإله "الأعظم"، الذي سيأخذ إسماً في كلّ مرحلة لينتهي بعبارة "الله" في ما بعد الميلاد (من إيل)، الذي بقوّته أيضاً سيموت التنين على يد القدّيس مار جرجس الشهيد، وحتى على يد القديس مار زيا (زيعا) شفيع الآشوريين المسيحيين اليوم.


ونلاحظ دائماً في دراسة ديانة بلاد آشور أنّ هنالك تعدّداً للآلهة كون الإنسان قدّس في البدء كل ما هو مخيف، واعتبر كلّ حركة في الطبيعة والحياة، كأداة بيد إله من الآلهة، فعند جفاف المواسم كان الشعب يصلي إلى إله الخصب وإله الرعد، وعندما كان الملك يحتار في أمره كان يلجأ إلى إله الحكمة، وذلك نتيجة تفاعل الإنسان مع محيطه، ولكن كلّ هذه الآلهة كانت في المرتبة الثانية من الألوهية بحيث احتل الأولويّة سيد الآلهة، ملك الكون ومثالاً على ذلك صلاة الملك " آتور ناطر ابري الثاني" (آشور نصربال- 900 ق.م) إلى الإله آشور (مجلّة "المثقف الآشوري"، بغداد، ت2-1977، ترجمها عن الآكادية عالِم الآشوريّات " فرد تميمي")، بحيث لو بدَلنا في نص الصلاة عبارة "آشور" بعبارة "الله"، لما وجدنا فرقاً بينها وبين صلوات اليوم في الكنائس.


وفي أربعينات القرن التاسع عشر تمّ اكتشاف مكتبة الملك آشور بانيبال(626-667 ق.م)، بواسطة العالم الإنكليزي أوستن هنري لايرد (الملقب بأبي الآشوريات)، ومعاونه العالِم هرمز رسّام (آشوري من الموصل)، وقد احتوَت هذه المكتبة على حوالي 25000 لوح من الآجر من بينها قصة الطوفان الأولى- ملحمة كلكامش، ملحمة الآلهة عشتار، وفي هذه المكتبة بالذات، وُجدت نصوص ملحمة الخلق " إينوما إيليش"(عندما في العُلى)، مدوَّنة بالأحرف المسمارية على سبعة ألواح تتطرّق إلى سبعة أجيالٍ حول خلق الكون والبشر والتي تطابقُها في أغلب نصوصها، الأيام السبعة في سفر التكوين- التوراة. واعتبرت محتوَيات هذه المكتبة، المفتاح الرئيسي لعلم الآشوريات والمقدمة لكشف المدوّنات المزيفة التي طغت على الفكر البشري لألفي عام. فعلمياً حلّت محتويات هذه المكتبة الأثرية محلّ التوراة الذي اعتبر لقرون طويلة المرجع التاريخي الوحيد عن تاريخ المنطقة، وذلك بعد توصّل العالم هنري رولنسون إلى قراءة الأحرف المسمارية في منتصف القرن التاسع عشر، ثمّ جورج سميث الذي هزّ الأوساط التوراتية في العالم بعد تمكّنه من قراءة وتفسير ملحمة الطوفان البابلية عام 1872. كما إنّ المطابقات بين ديانة بلاد آشور وأساطير التوراة، أذهلت العلماء حتّى اليهود منهم لدى اكتشاف النصوص الآشورية المكتوبة بالحرف المسماري، فابتكر العلماء عبارة " توراة ما بين النهرين" وبذلك واجهوا حرباً مع الكنائس الغربية واليهود، أدّت إلى إخفاء العديد من الألواح الهامّة. ويخبرنا العالم فريدريك ديلليتش كيف ألقى محاضرته حول توراة بلاد آشور، في 13/12/1902 في برلين بحضور القيصر فيلهيلم الثاني، ثمّ طلب منه القيصر إعادتها لاحقاً في القصر الملَكي، فأجرى المحاضرة تحت عنوان "بابل والكتاب المقدّس"، وأوضح فيها أن قصص التوراة مأخوذة من بلاد آشور فأدّى ذلك إلى ضجّة في الإعلام الأوروبي، مما سبب له التهديد من قبل بعض الحاخامات، والتوبيخ الشديد من الكنائس الغربية !!

 
ملحمة "إينوما إيليش" – الألواح السبع

والقليل من الشعوب المجاورة لوطن الآشوريين، يعرف عن الأوّل من نيسان وقيمته التراثية- القومية لدى الشعب الآشوري، وخلفياته الفلسفية للإنسانية جمعاء، ولكن بشكل عام يعتبر شهر نيسان بالنسبة للآشوريين اليوم، الشهر المبارك من الرب تماماً كما كان يعتبر منذ آلاف السنين، حيث كان الإعتقاد السائد أن سبب إنبعاث الطبيعة في نيسان هو نزول سيّد الآلهة إلى الأرض وتعاركه مع الآلهة الشرّيرة ثم انتصاره عليها، وزواجه من الإلهة عشتار(آلهة الخصب)، فانبعاث الحياة المتمثلة ببداية الربيع، وقد سُمّيَ هذا العيد بالسومرية " آكيتي زيغوركو" أماّ بالآشورية فكان يسمّى "ريش- شاتين" أي رأس السنة... وعلمياً يعتبر اليوم شهر نيسان البداية الحقيقيّة لدورة الحياة الطبيعية على الأرض كونه في نيسان تبدأ الطبيعة بالتجدد والإنبعاث، وليس في كانون الثاني.

وفي المدن الآشورية (بابل، نينوى وباقي المدن...)، اعتبرت ملحمة "إينوما إيليش"(عندما في العُلى)، التلاوة الطقسية المُجَسِّدة لخلود سيّد الآلهة، وبداية الحياة والهدف منها، وهي من أقدم الأساطير الملحمية في التاريخ، وكانت تُتلى في معبد الإله مردوخ (إيساغيلا = البيت الشامخ) في اليوم الرابع من "آكيتو" (إحتفالات رأس السنة الآشورية في بابل) التي كانت تدوم طوال إثني عشر يوما بعد ليلة إستواء الليل بالنهار (تصادف بين 19 و 21 آذار).

باختصار، تتحدّث مقدّمة "إينوما إيليش" في اللوحة الأولى، عن البدء في الجيل الأوّل حينما كانت الأرض معدومة لا إسم لها، حيث كان الكون يتألف من العنصر الذكر؛ إله المياه العذبة "آبسو" والعنصر الأنثى؛ إلهة المياه المالحة "تيامات"، و"ممّو" إله السحاب الذي يرفرف بينهما (لاحظ التطابق مع سفر التكوين في اليوم الأوّل 1: 1-2) ثم في الجيل السادس، الإله مردوخ ( "آشور" عند آشوريي نينوى ) الذي يخلق "لالو" (الإنسان) ليخدم الآلهة فتستريح في الجيل السابع (تماماً كما خلق الله الإنسان في اليوم السادس، واستراح في اليوم السابع - سفر التكوين2:2-3). وتتلخّص قصّة الخلق في أنّ الإلهة تيامات التي على شكل التنين "هابور" السابح في البحار، كانت تنوي التخلّص من أحفادها المزعجين لتنعم بالراحة مع زوجها آبسو، فأتت بالوحوش المخيفة استعداداً للمعركة، عندها يأتي مردوخ (آشور) ويتعارك معها و ينتهي ذلك بانتصار الإله مردوخ ليشطر المياه تيامات إلى قسمين، فيصنع من القسم الأوّل السماء حيث يخلق النجوم والكواكب، ومن القسم الثاني الأرض حيث يخلق الحيوانات والنباتات، ( كما سيحصل في التوراة، تكوين:1: 6 حيث يفصل الله بين مياه ومياه ويصنع السماء والأرض) وبعد أن ينتهي مردوخ من خلق كلّ ذلك، سيخلق زوجاً من الإنسان بواسطة الدّم والطين(!).. وسيبني بيتاً له في بابل ليستريح فيه كلّما نزل إلى الأرض في نيسان (تماماً كما سيبني ربّ الجنود فيما بعد، بيتاً له في اسرائيل، صموئيل الثاني: 1:7-17- وعبارة "خيمة الآلهة" نجدها في ملحمة جلجامش البابلية التي اقتبست منها نفس قصّة طوفان التوراة بشخصية " نوح" بعد " زيوسودرا" البابلي و "أوتمبشتم" السومري).

كاتب الموضوع الأخ محمد عامر



Source:   http://www.ar-healing.com/vb/showpost.php?p=6497&postcount=3 

٢٠١٢-٠٢-١٢

جرائم الأكراد ضد الاشوريين في العراق



  إياد محمود حسين
  
شبكة البصرة
الاشوريين قومية لها جذورها التاريخية في شمال العراق، ولا يستطيع اى مؤرخ وكاتب إن ينكر ذلك ؟ ولكن بعض المسيحيين لا ينسبون الاشوريين الحاليين إلى سلالة الاشوريين القدماء، ويرفضون إطلاق تسمية القرى الآشورية في المناطق الشمالية بدلا من القرى السريانية، وان تسمية والاثوريين أو الاشوريين ليس لها علاقة بالآشوريين القدماء، بل هي مشتقة من (الثورانيين) أي (الجبليين) بالسرياني، وكذلك من ناحية طبيعتهم الجبلية، بالإضافة إلى لهجتهم الخاصة المشتقة أيضا من السريانية. ويعتبرون إن (أشورى) تسمية محدثة فرضتها الأحزاب القومية الآشورية، معتبرة إن جميع الناطقين بالسريانية من والاثوريين والكلدان، هم من أحفاد (السلالة الآشورية) في العراق القديم. وقد أطلق على الاشوريين أسماء كثيرة، فحسب لفظهم القديم اشوراى، اسورى لدى الأكراد والفرس والترك، وعند العرب أشور، أثور، اقور، وكذلك الحال لدى الاشوريين أنفسهم منهم (اشورايا، اثورايا، اسورايا) وقد أكد أستاذ اللغات القديمة في جامعة بغداد الدكتور طه باقر إن اللغة التي تكلمها ولا يزال يتكلمها الاشوريين هي لغة آشورية، وهي تشبه العديد من اللغات مثل السومرية والآرامية في وجود فعل ثلاثي أساسي، ووجود زمنيين للفعل هما الماضي والمضارع. وقد طور الاشوريين لغتهم كتابة ونحوا وصرفا.
وظل الاسم الآشوري يطلق على شعب مابين النهرين بعد السقوط السياسي للإمبراطورية الآشورية ابتداء من الاحتلال الاشكوزى أيام سقوط عاصمة نينوى عام 612 قبل الميلاد، واستمر إطلاق اسم بلاد أشور على الارض الواقعة بين بلاد فارس شرقا والى البحر المتوسط غربا، لان الارض كلها كانت آشورية والساكنون فيها آشوريين، ولغتهم آشورية. وبعد سقوط دولة أشور واحتلال كورش ملك الفرس الدولة البابلية، رجع السكان الاشوريين إلى مدينة أشور. ويقول المستشرق الفرنسي ماسبيرو بأن الاشوريين المشردين والذين حررهم كورش بعد سقوط بابل عادوا إلى مدينة أشور، وأعادوا بناءها. ويقول المؤرخ هيرودوتس الذي ولد عام 490 قبل الميلاد في بلاد الإغريق، أي بعد 122 سنة عن سقوط نينوى، وعاش في أشور أبان الاحتلال الفارسي، عن مشاركة الاشوريين ككتائب في جيش الفرس. وفي عهد الاسكندر الإغريقي وبالتحديد عام 325 قبل الميلاد رحب الاشوريين به واعتبروه المنقذ من بطش الفرس. واستمر الاشوريين في ممارسة العبادة الآشورية قبل مجيء المسيح، حيث استمر الآشوريون في هذه المناطق على ديانتهم القديمة. ويذكر البروفيسور سيمو باربولا بأن هذه العبادة استمرت حتى القرن العاشر الميلادي في مدينة (حران) والهة الاشوريين كانت (سين، نيغال، نابو، تموز) أما مرحلة بداية المسيحية فقد تقبل الشعب الآشوري الدين الجديد بكل سهولة كونه لم يختلف كثيرا مع دينهم القديم. فقبل مجيء المسيح نشر الاشوريين فكرة الإله الأوحد في مرتبته، وامنوا به بأسم أشور في نينوى ومردوخ في بابل، كما امنوا بموته وقيامته بعد ثلاثة أيام والآشوريون الذين دخلوا في الديانة النصرانية لم يدخلوا الصور والتماثيل في طقوسهم اليومية، وممارساتهم العبا دية، بعكس الكنائس الأخرى التي كانت شعوبها تتعبد للأصنام والتماثيل، وتستعمل المدلولات المادية كوسيلة تواصل بينها وبين الآلهة، ولغاية ألان ليس هناك أي صنم تم اكتشافه في بلاد أشور. وانتشرت الأديرة في كافة مناطق الاشوريين في شمال العراق وبسرعة، وخصوصا في مناطق بيت كرماي (كركوك) وحدياب (اربيل) ونوهدرا (دهوك) وبيت سلاخ (شقلاوه) عاش الاشوريين في موطنهم الاصلى في شمال العراق، ثم اعتنقوا المسيحية أيام الاحتلال الساسانى في القرن الأول والثاني بعد الميلاد. وانتشرت الكنيسة الشرقية الآشورية بشكل كبير، ووصلت إلى الأناضول وسوريا، ويقول ادولف دافريل في القرون الوسطى إن عدد النصارى والآشوريين حينذاك كان مائة مليون نسمة. وقال بعض المؤرخين إن عددهم مع اليعقوبيين فاق عدد اليونان واللاتين. وبعد خضوع العراق للفتوحات الإسلامية دخل الكثيرون منهم في الإسلام فصاروا عربا أو كرديا أو تركا، وانحسر وطنهم إلى الشمال من خط كركوك نينوى والحسكة. وعاشوا في جبال ووديان أورميا وحكارى وشمال العراق ومنطقة جزيرة ابن عمر وجبال طوروس التركية حاليا.
ومن خلال دراسة مخططات وبروتوكولات حكماء الأكراد السرية، والتي هي شبيه بمخططات وبروتوكولات حكماء بنى إسرائيل، في السيطرة على الاراضى التي لأتعود لهم من اجل خلق كردستان كبرى الذي لا يمكن إن يتحقق إلا بالتعاون المثمر مع الكيان الصهيونى، واستغلال الشعوب الأخرى بشكل تام لدعم الموقف والقضايا القومية التحررية للشعب الكردي المضطهد المظلوم. اى أنهم يستعملون نفس الأسلوب المخادع الذي اعتمدت عليه إسرائيل في المظلومية والاضطهاد. والأكراد وقياداتهم يحاولون إخضاع الاشوريين والسيطرة عليهم وقطع جذورهم الأصلية واشوريتهم، ويطلقون عليهم عبارة المسيحيين فقط الذين يسكنون كردستان العراق( حسب سياستهم والشوفينية القومجية) أما مثقفي الأكراد، أو الذين يحملون الشهادات العليا فأنهم يحاولون تزوير التاريخ بأي طريقة ممكنة، الدكتور الكردي فرست مرعي المتخصص في تاريخ الاقليات، يحشر كلمة كردستان في كل موضوع يخص تاريخ المنطقة القديم /، وخاصة شمال العراق، فهو يقول مثلا في محاضرة له ( استطاع الآشوريون بقيادة سرجون الثاني القضاء على مملكة الشمال اليهودية في عهد ملكها هوشع سنة 721 قبل الميلاد، ثم نقل سكان إسرائيل إلى حران وخابور في شمال سورية وكردستان وفارس ). لا اعرف في كتاب من كتب التاريخ، وفي أي صفحة وجد اسم كردستان يطلق على شمال العراق أو سورية ؟. لقد اعترف بنفسه بأنه ليس مختصا في الدراسات الكردستانية، بقدر ماهو مختص بتاريخ الكرد الإسلامي. وفي السبي الأول كما يقول الدكتور فرست، أن الاشوريين اسكنوا بقايا بني إسرائيل في المناطق الجبلية المنعزلة في كردستان. مرة أخرى يحاول أن يريط كلمة كردستان في الأراضي التابعة للدولة الآشورية في تلك الحقبة من الزمن التي لم يتواجد الأكراد بعد عليها. ويستمر قائلا ( قد يكون هؤلاء اليهود المسبيون في كردستان قرى لهم بين السكان الكرد، وبقوا منعزلين عن اليهود الأخرين، وأصبحوا بمرور الزمن احد مكونات المجتمع الكردستاني.
علينا إن لا ننسى أهداف إسرائيل من هذه الناحية وكرههم الشديد لأحفاد الاشوريين، كما يحرضهم كتابهم المقدس التوراة على ذلك، هو محاولة طمس كل كلمة آشورية من صفحات التاريخ واستبدلها بكلمات مستحدثة مثل عبارة كردستان على إنها وقائع تاريخية مثبتة في صفحات التاريخ التي كانت مخفية عن عيون الباحثين. في الحقيقة إن السبي الأول لبنى إسرائيل عن طريق الاشوريين لم يكن هدفه القضاء التام على الدولة اليهودية في القدس، ولم يهدموا هيكل سليمان، فكل ما فعله الاشوريين تجاه مملكة إسرائيل (وليس دويلة يهوذا في أورشليم القدس) هو إنهاء سلطانها في السامرة. وتهجير قسم من شعب بنى إسرائيل وإسكانه في منطقة حلج وكوزان في اعالى نهر البليخ، الخابور السوري حاليا، وذلك طبقا للمقتضيات الأمنية وسلامة الطرق التجارية الآشورية إلى سواحل البحر المتوسط. وكل ذلك كان محصورا في المسائل الاستراتيجية لدولة عظمى حينها، ولم تكن له علاقة بالمسائل القومية والعنصرية والدينية أطلاقا.
أما الذي دمر الهيكل فهو الملك نبوخذنصر البابلي، والذي اسقط دولة الاشوريين بنفس الوقت، وسبى اليهود إلى بابل، واخذ ألأموال والفضة والذهب العائدة لهيكل سليمان، وفعل ذلك بمساندة ومباركة الميديين والعيرميين الأعداء التقليديين للعراق عبر تاريخه الطويل ولحد ألان، والذين ما لبثوا واسقطوا الدولة البابلية بعد 73 عاما، كما اسقطوا الحكم الوطني في العراق بتعاونهم مع الإمبريالية الأمريكية الصهيونية انتقاما من تاريخ العراق النضالي الطويل.
في الحقيقة لقد دأب اليهود وحتى الأكراد الحاليين نكران آشورية الاشوريين، والهدف والغاية من وراء هذا النكران هو الانتقام منهم من اجل إخبار تاريخية توراتية مشوشة قديمة ومحرفة جدا لإشباع روح الانتقام والتشفي عند بنى إسرائيل ضد الاشوريين المسيحين، وتحريض الاقوام الأخرى على قتلهم وذبحهم وتشريدهم والاستيلاء على أراضيهم مثلما فعلوا قديما بحقهم. وقد مورس بحق الاشوريين في العهد العثماني القتل والتهجير، وتتكلم المصادر عن وفاة 50 ألف في الطريق إثناء اللجوء من أورميا إلى همذان الإيرانية، ووصل عدد الذين دخلوا مدينة همذان حوالى 203 ألف لاجىء، وكذلك وصل عدد اللاجئين الاشوريين في معسكر بعقوبة إلى حوالى 80 ألف لاجىء عام 1918، وتوفى منهم حوالى 30 ألف بسبب الإمراض في هذا المعسكر. وحسب المصادر الموثقة إن اجمالى الاشوريين بمختلف مذاهبهم في العراق كان يزيد على 450 ألف قبيل عام 1933، ورحل كثيرا منهم إلى سوريا بعد انتفاضتهم عام 1933 في تلكيف عندما خرجوا علنا في هتافهم الشهير (تلكيف اخذوا استقلال لوخ، دين محمد بطا لوخ)
وتعتبر معركة جالدران عام 1513 نقطة فاصلة في التاريخ الكردي – التركي المتحالف ضد الدولة الصفويية، وقد در هذا التحالف مكاسب كثيرة للأكراد وهو التوسع الاستيطيانى في شمال العراق على حساب الاشوريين والأرمن والسريان، وهم شعوب أصلية تسكن في هذه المناطق منذ ألاف السنين، ولها حضارات عريقة. لقد استخدم السلطان سليم العشائر الكردية كحاجز بشرى ضد الدولة الفارسية الصفويية، وقام باستقدامهم من مناطقهم الأصلية في مقاطعة السليمانية، وشمال غرب إيران (همذان) وتوطينهم في شمال العراق (اربيل ودهوك) وفى شرق تركيا (كاري ودياربكر) وقام بتشكيل فرق عسكرية شبه نظامية تحت إمرة الاغوات الأكراد سميت (الفرسان الحميدية) وقام أيضا بتسليمهم المناصب الرفيعة في الجيش العثماني، وأمور الدولة في البلدان العربية الواقعة تحت الاحتلال العثماني وخاصة سورية. وكان هناك تباين كبير بين طريقة تعامل العثمانيين مع الأكراد وطريقة تعاملهم مع العرب الذين حرموا من المناصب الحكومية. وقام السلطان سليم في منح السلطة لعشائر الأكراد والاغوات على الأقوام الأصلية المسالمة المستضعفة من الاشوريين والكبدان، وقد ازدادت شراسة هذه الحملات الاستطيانية الكردية في شمال العراق بعد إن جلبهم العثمانيون واسكنوهم في هذه المناطق الجبلية التي لم تكن مأهولة من السكان، وخاصة المناطق الجبلية الوعرة من شمال العراق، لان السكان الاصليين الاشوريين المسيحيين كانوا يسكنون المناطق السهلية لسهولة الزراعة والبناء والتنقل. وقد مارس الأكراد أبشع الجرائم بحق المواطنين الاشوريين الكلدانيين والأرمن المساكين، ويمكن اعتبارها ابادة جماعية (هلوكوست أشورى كلدانى) فقد ذبحوا بلا رحمة، بدون ذنب اقترفوه إلا لكونهم يسكنون الاراضى الخصبة، يقال إن التاريخ يعيد نفسه، والشعوب لا تتعلم من تجارب الدول واخذ العبر. فالتحالف الكردي – التركي السابق ضد شعوب المنطقة الأخرى، وحتى الشعب العربي في سوريا والعراق لم يسلم من مظالم هذا التحالف، انه شبيه بالتحالف الكردي – الامريكى القائم ألان في القضاء على دولة العراق، وتدمير شعبه العربي من خلال إشعال نار الفتن الطائفية، وطرد وتهجير العرب من كركوك، وعدم السماح لهم بالسكن في المناطق الشمالية الخاضعة تحت سيطرتهم. وهناك وثيقة كردية تشيد بهذا التحالف الكردي التركي الذي تصفه بهذا الوصف (وتكاملت أواصر الإخوة والمصير المشترك في ظل الدولة العثمانية بين الأكراد والأتراك، حيث لعبت قوات الخيالة والفرسان الكرد دورا مهما في فتوحات الدولة العثمانية في أوروبا الشرقية. كما لم تستطع الدولة العثمانية من التوسع شرقا باتجاه العالم العربي إلا بعد إن عقدت تحالفا مع الإمارات الكردية وخاصة مع إمارة سوران. وكان تحالف الأكراد والترك هو الصرح المتين الذي تحطمت عليه كل محاولات الإمبراطورية الروسية للسيطرة على الولايات الشرقية للدولة العثمانية ). لقد أسس إمارة سوران الكردي محمد باشا الراوندوزى الذي أسس هذه الإمارة لفترة قصيرة من الزمن حتى تم القضاء عليه وعلى إمارته من قبل جيش العثمانيين بعد إن طغى وتجبر، ومارس المجازر الدموية بحق السريان اليزيدية. وقد أصبح هذا القاتل رمز وشموخ وبطل للأكراد، وتنشر عنه في صحفهم ومجلاتهم وحتى البرامج التلفزيونية بطولات هذا الطاغية، وتصفه ضمن رجالات الأمة الكردية. لقد أسس هذا الطاغية إمارة سوران، وكانت مدينة رواندوز عاصمتها. ويقول الباحث القس سليمان صائغ في كتابه (تاريخ الموصل) الجزء الثاني ص 266 (الجبل الذي تحده جنوبا وغربا دجلة وشرقا بلاد العجم وشمالا أرمينية وبحيرة وان كان عاصيا لتمرد أعوانه الذين كانوا ينعمون باستقلال تام. فكان هؤلاء الأكراد ينزلون من الجبل كالسيل الجارف، ويغيرون على القرى فيقتلون وينهبون حتى خربوا من هذه القرى عددا عظيما مازال خرابا إلى اليوم).
يقال إن إمارة سوران كانت موجودة منذ مطلع القرن السادس عشر الميلادي، ولكن المعلومات والمصادر شحيحة جدا لاتقدم لنا نبذة تاريخية عن هذه الإمارة التي بدأ عصرها الذهبي عام 1813 كما يتفق أكثر المؤرخين بعد إن ارتبط تاريخها بأسم محمد الراوندوزى المشهور بأسم (ميركور) اى الأمير الأعور الذي ولد عام 1783. وجاء في كتاب (الآشوريون بعد سقوط نينوى) المجلد الخامس ص 308 للباحث هرمز ابونا. (وكان عصره دمويا مرعبا وان أياديه ملطخة بدماء المسيحيين. وقد قتل اقرب المقربين إليه، جهز حملة على اثنين من أعمامه فقتلهما. جهز حملات الابادة ضد معارضيه من الأكراد، وخاصة زعيم عشيرة الخوشناو) لقد كان يطمح على توسيع حدود إمارته صوب منطقة الجزيرة التي يسكنها السريان والآشوريين واليزيدين والتركمان والعشائر العربية، اى إن أهدافه الحقيقية كانت قائمة على تأسيس دولة كردية في منطقة راوندوز، ونظم جيش له بلغ تعداده حسب المصادر مابين 30 إلى 50 ألف مقاتل كردى، وصك النقود بلسمه، واتصل سرا بخصوم العثمانيين. وشن هجومات على مناطق الموصل وبهديان الكردية، واخضع ولايات اكرى واميدى وماردين وجزيرة ابن عمر. ووصلت حدوده حتى إلى الحدود السورية. وضيق الخناق على بغداد في الوسط. وتحولت إمارته إلى مركز استقطاب لأكراد فارس وملجأ لهم، كما يذكر ذلك الكاتب الكردي صلاح هرورى في كتابه (إمارة بوتان في عهد الأمير بدرخان) ص 81، كل هذه المكاسب التي حققها في بداية الأمر بسبب انشغال العثمانيين في حروبهم المستمرة مع الروس واليونان والمصريين في عهد محمد على.وتعتبر بلدة القوس المسيحية القريبة من الموصل أولى ضحايا محمد الراوندوزى، ثم اخضع مدينة اربيل ذات الكثافة التركمانية والآشورية، ثم منطقة الشيخان وسهل نينوى وجبال سنجار التابعة لليزيديين، وكذلك جبال هكارى التي تسكنها القبائل السريانية. ويذكر المؤرخ القس سليمان صايغ في كتابه تاريخ الموصل الجزء الأول نقلا عن قول لايارد انه قتل من اليزيديين ما يناهز ثلاثة أرباع الجبل بهدف التخلص منهم ومن أميرهم على بك. وقد لجأ الراوندوزى إلى أسلوب الخيانة، حيث وقع الأمير اليزيدى على بك في شرك محمد عندما وافق على تلبية دعوته لزيارة عاصمته رواندوز للتشاور، وبعد فشل المفاوضات بينهما، وفى طريق العودة فتك رجال محمد بالأمير اليزيدى.
وبدا ميركور حملاته الدموية ضد السريان في مناطق القوش وتلكيف وتلسقف عام 1832 واستولى على قصبات عقرة والعمادية، وعين أخاه رسول حاكما عليها، وسيطر الخوف على والى الموصل وتحصن داخل المدينة، ولم يستطع إن يفعل شيء لإنقاذ المسيحيين من المذابح التي اقترفها هذا السفاح الكردي. وقد استمر في أعماله الإجرامية وتحول إلى كائن متوحش هائج، كما تشير أغلبية الوثائق التاريخية، وقد اتجه إلى اعتلى الجزيرة وقام بتخريب قرى طور عبدين السريانية وبلدة ازخ وقتل الرهبان. وازاء هذه الأعمال البربرية الوحشية، وعلو شأنه عند الأكراد بعد إن بسط نفوذه على مناطق شاسعة من شمال العراق عدا السليمانية والموصل، وخيانته لتعهداته مع الدولة العثمانية ووقوفه وتعاونه مع الفرس، قرر السلطان العثماني محمود الثاني محاربة ميركور والقضاء علىامارته، وأرسل حملة عسكرية عام 1836 بقيادة رشيد باشا، وعندما شعر ميركور بعدم جدوى مقاومة الأتراك فسلم نفسه للعثمانيين، وعفى عنه السلطان محمود بعد مثوله أمامه ليقدم له الطاعة والولاء من جديد، إلا إن الأتراك دبروا له مكيدة في طريق عودته، وتم قتله عام 1837.
لقد كان هدف الأكراد هو الاستيلاء على أراضيهم بمساعدة الدولة العثمانية التي كانت تحارب الدولة الصفويية. وبما إن الأكراد وقفوا بجانب العثمانيين في هذا الصراع، لأنهم يدينون بالمذهب السني، مما حدا بالعثمانيين في منحهم الصلاحيات الواسعة في الانتشار في شمال العراق، والاستيلاء على القرى والسهول والاراضى التي يسكنها المسيحيون. وتم إكرام الاغوات ورؤساء العشائر الكردية بمنحهم أراضى الاشوريين والأرمن والسريان. ويشير الكاتب سليم مطر في كتابه (السريان وكردستان المفترضة) إلى المجازر البشعة التي ارتكبها الأكراد بحق السريان والآشوريين على الأراضي التي تسمى اليوم بكردستان، فقد قتلوا عشرات الألوف، ومحوا مئات القرى، وسيطروا على 300 قرية للآشوريين والكبدان منذ عام 1843 حتى عام 1934. لقد أصبح الأكراد خنجرا يهوديا مسموما يستخدمه الصهاينة والموساد لتخريب العراق وتقسيمه.
وقد دارت معارك بين الأكراد والنساطرة في شمال العراق، والسبب هو نتيجة وقوفهم بجانب الحلفاء، وتقديم الدعم والعون والخدمات لهم في محاربة القوات العثمانية. ثم جاء بعده القائد الكردي بدرخان بيك عام 1843، وهو زعيم إمارة بوتان ومارس أيضا شتى أنواع حملات الابادة والتطهير العرقي بحق الأرمن والآشوريين في مناطق سهل نينوى واربيل وزاخو وهكارى، ونوهدرا (دهوك).
وحتى الزعيم العشائري نايف مصطو احد زعماء عشائر ميران قام بقتل غالبية اهالى فيشخا بور عام 1915. وكذلك مجازر إسماعيل اغا (سمكو) في منطقة اورميا. ومدينة دياربكر التي تعتبر اليوم عاصمة كردستان تركيا، حيث كان يسكنها عام 1915 أكثر من 35 ألف نسمة من الاشوريين والأرمن والسريان، بينما كان عدد السكان الأكراد لم يتجاوز غير 1430 نسمة فقط. ويسكنها ألان 236 ألف كردى. إما مدينة اورفة (اورهى) لم يبقى من سكانها الذين كان عددهم 24 ألف مسيحي على قيد الحياة. لقد كان الأكراد رأس الحربة في كل المذابح التي اقترفت بحق المسيحين من اجل الاستمرار في تعزيز وتوسيع احتلالهم لااراضى الأقوام الأخرى.
فقد ذكرت الرحالة الإنكليزية المس بيشوب فى كتابها الرحلات عام 1895 (إن حياة القبائل الكردية تقوم على النهب والقتل والسرقة) وكذلك ذكر الدكتور جورج باسجر عندما قام برحلته إلى المنطقة الشمالية عام 1828 ذاكرا (إن القبائل الكردية قامت بهجمات دموية مروعة على السريان وتصفيتهم وحرق بيوتهم وأديرتهم). ويقول المؤرخ باسيل نيكتين وهو مختص بالقبائل الكردية (إن الأكراد الذين يعيشون على حدود الرافدين يعتمدون القتل والسلب والنهب فى طريقة حياتهم، وهم متعطشون إلى الدماء) وكتب القنصل البريطاني رسالة إلى سفيره عام 1885 يقول فيها (إن هناك أكثر من 360 قرية ومدينة سريانية قد دمرها الزحف الكردي بالكامل وخصوصا فى ماردين) ويقول الدكتور كراند الخبير فى المنطقة وشعوبها فى كتابه النساطرة (يعمل الأكراد فى المنطقة على إخلاء سكانها الاصليين وبشتى الطرق). وعندما طالب النائب المسيحي (فرنسيس شابو) المنتخب في البرلمان الكردي الحالي في شمال العراق بإرجاع كافة القرى المسيحية التي استولى عليها الأكراد إلى أصحابها الشرعيين، قاموا بقتله غدرا. لان الأكراد ينعتون الاشوريين بالمحتلين (لكردستان) ويجب طردهم من الأراضي الكردية. ولم يعرف احد من البشر غدر ومكر الكرد إلا المواطنين الاشوريين العراقيين الشرفاء، فلهم قصص وحكايات مؤلمة في هذا المضمار، وهناك حكمة ومثل مشهور عند الاشوريين وهو ( إذا أصبح الكردي ذهبا فلا تضعه في جيبك) وهذا المثل يتناقل على لسان كل الاشوريين أبا عن جد.
واغلب المؤرخين والمستشرقين والرحالة الذين زاروا المناطق الكردية يؤكدون بأن عدد الأكراد في القرن التاسع عشر في بلاد الفرس والدولة العثمانية لم يتجاوز المليون. وازداد عددهم بعد دخول الكثير من العشائر المسيحية في الدين الاسلامى وتكريدهم. وقسم كبير من النساطرة أصبحوا من الأكراد المسيحيين، وان اللغة السريانية الجديدة التي يتحدثون بها قد دخلت إليها كلمات كردية في منطقتي هكاري وتياري، وتختلف اختلافا كبيرا عن اللغة السريانية القديمة التي دونت بها كتبهم المقدسة. ولكن أكثر الاشوريين المسيحيين يرفضون عملية التكريد التي تخطط لها القيادة الكردية وتمارسها على العلن، وهم يقولون للذين يريدون تكريدهم بأنهم لا يتشرفون بهذا التكريد القائم بالقوة، وهم في غنى عنه.
إن أسباب فشل مشروع ميركور كانت هي ذاتها أيضا وراء فشل مشروع بدرخان الكردي فيما بعد (1843 – 1846) ويذكر بعض المؤرخين والكتبة إن الفتوى التي أفتاها الملا محمد الخطى الكردي بتحريم قتل الأتراك المسلمون كان لها دورا كبيرا في التعجيل بسقوط إمارة سوران. إلا إن المذابح الفظيعة التي أوقعها ميركور بسكان بلاد النهرين قد قلبت كل موازين القوى في المنطقة الشمالية، وألحقت تغييرا واضحا وضررا كبيرا بالخارطة الاثنية لقرى ومدن الشمال، وتد مرت العلاقة السريانية الكردية، وكذلك العلاقة الكردية اليزيدية.فهو أول زعيم كردى حول أعمال السلب والنهب من قبل أكراد الجبال ضد القرى والأديرة والكنائس السريانية المسالمة، وجعلها تتحول إلى حملات تطهير عرقي منظمة بإزاحة شعب مسيحي من جذوره ومن أراضيه التاريخية التي قطنها قبل وجود الأكراد على الارض. وتعتبر المذابح وعمليات التطهير بحق السريان وأيضا اليزيديين التي أقدم عليها هؤلاء الأمراء الأكراد بدرخان وسمكو وغيرهم أبشع من تلك التي ارتكبها أمير سوران ورجاله. وهذه هي طبيعة الأكراد على مر العصور، وحتى في الوقت الحالي. وقد تحول هؤلاء القتلة المجرمين إلى أبطال ورموز الشعب الكردي، في البيانات وصحف الأكراد وأحزابهم القومية الشوفينية وقنواتهم الفضائية، التي تمجد هؤلاء القادة وتقدمهم كأبطال للشعب الكردي على الرغم من إن أياديهم ملطخة بدماء شعوب المنطقة، حتى انه كثرت الجمعيات والمجلات والمنتديات التي تحمل أسماء هؤلاء المجرمين القتلة بحق اليزيديين والآشوريين الأرمن والكلدان، بينما الرئيس صدام حسين مجرم ودكتاتوري في نظرهم.
إن طمس الوجود الآشوري في شمال العراق خطة يهودية تعود لتعاليم التوراة بشكل كبير، وبما إن التوراة هي الأداة التي تشكل العقلية اليهودية، وتربط ذاكرة بنى إسرائيل بالعراق، وترجعهم إلى أيام بابل وأشور، واخبار واثار السبي مازال يتجول في ذاكرتهم كل هذه الحقبة الطويلة من الزمن، وله صدى في نفوسهم. ومخاوفهم تتجاوز حدود المستقبل القريب والبعيد من الشعب العراقي الذي يتمثل بالبابليين والآشوريين في نظرهم، والثأر والانتقام من الاشوريين مازال يسيطر وبكل قوة عليهم، أنهم يحيكون المؤامرات والدسائس ضد أحفاد الاشوريين لإبعادهم من موطنهم الاصلى شمال العراق، وتشريدهم في إرجاء المعمورة، وهذا التهجير القسرى للآشوريين تم بالاتفاق بين الصهيونية وقادة الأكراد والاحتلال الامريكى اليميني المتحالف، لان وجود الاشوريين سيكون عائقا إمام خططهم لإقامة دولتهم المزعومة (كردستان).
في السبي اليهودي عصر البابليين والآشوريين كانت العلاقة بين الفرس وبنى إسرائيل متينة، عندما طلبت اليهودية هداسة من بنى قومها اليهود مغادرة العراق واللجوء إلى دولة الفرس، هربا من الحاكم الاشورى (أشور بانيبال) الذي قتل اليهود لتأمرهم عليه مرات عديدة. فأن أحفاد بنى إسرائيل يمارسون الدور نفسه مع قادة الأكراد، بعد إن تغيرت الأدوار، فهناك مئات من بنى إسرائيل يسرحون ويمرحون في الشمال العراقي ومنتجع دوكان بحراسة الأمن الكردي، بينما أحفاد الاشوريين المتبقين في مناطقهم وأراضيهم يهربون من جور وظلم الأكراد، وحتى إن استراليا فتحت لهم أبواب الهجرة بضغط من الصهيونية العالمية انتقاما من أحفاد الاشوريين وعقابا لهم بما فعله أجدادهم القدماء بالشعب اليهودي المسكين المظلوم.
الأكراد يرفضون إطلاق اسم الاشوريين على المواطنين العراقيين في مناطقهم، والإشارة إليهم بالمسيحيين فقط. يرفضون الإشارة إلى اسم الاشوريين لان تاريخهم الطويل في شمال العراق يفضحهم بأنهم سراق ولصوص أراضى شعوب أخرى، ونراهم يرفعون شعار ارض كردستان التاريخية. متى أصبحت أراضى الاشوريين ارض كردية عبر التاريخ الذين يريدون إن يكتبوا بأيدهم وحسب ما ترغب أنفسهم وأهوائهم ؟ لم يخبرنا التاريخ مطلقا حول هذا الادعاء وحقيقته. أليس هذا الطمس الحقيقي للوجود الاشورى التاريخي وهويته القومية هو اعتداء على تاريخهم المشرف الطويل وحضارتهم الآشورية الخالدة، وآثارهم الموجودة بكثرة في شمال العراق.
إن إسرائيل العدو اللدود للشعب الاشورى ترى في بقاء أحفاد وذرية الاشوريين في شمال العراق خطرا فضيعا يهدد مستقبل الدولة اليهودية وبنى إسرائيل، لأنه لابد وان يأتي اليوم الذي يولد من رحم المستقبل أشورى جديد يهدد وجود بنى إسرائيل، كما ورد ذلك في التوراة. الذكرى والألم الذي سببه نبوخذنصر الاشورى لبنى إسرائيل ( الذي اسر وجر إلى بلاد أشور مذلولا مدحورا) مازال عالقا في ذاكرتهم مهما طال الزمن وتعاقبت الأجيال.
ومع كل الأسف هناك بعض الحركات الآشورية ربطت مصيرها بالحركة الكردية المتعاونة مع الصهيونية، وتسير ألان ضمن هذا المنهج الكردي، وتساهم في استراتيجية إلغاء هوية الاشوريين، والقضاء عليهم، مثل الحركة الديمقراطية الآشورية. وقد اعتبرت هذه الحركة المواطنين العراقيين الاشوريين جزء من الشعب الكردي، وان حركتهم مجرد حزب كردستاني، وتناست تجاوزات واعتداءات الأكراد والمليشيات الكردية على مناطقهم، والاستيلاء على قراهم، وبعد كل ذلك يدعون إن الأكراد الظهير المساند للآشوريين والمسيحيين، مجرد الضحك على الذقون.
ومن الأهداف الاستراتيجية في المرحلة الراهنة للقيادة الكردية هو إجبار المسيحيين العراقيين من الاشوريين والكلدان والأرمن والنساطرة في بغداد والجنوب في الهجرة نحو الشمال، والتقوقع في سهل نينوى، لكي يسهل احتوائهم من قبل الأكراد ويصبحوا حاجز بشرى بينهم وبين العرب عند إعلان دولتهم، بعد إن يتم التهجير القسرى للآشوريين من مناطق سكناهم وأراضيهم التي ورثوها عن أجدادهم منذ ألاف السنين، وإسكانهم أيضا في سهل نينوى. وبعد أنجاز هذه الخطة يمكن تكريدهم جبرا بمرور الوقت بعد الاستيلاء على أراضيهم وقراهم.
وسأقدم هنا حقائق واضحة للعيان عن أهداف قادة الأكراد فى الاستيلاء على أراضى الاشوريين، مثلا :قرية آشورية اسمها فيشخابور تقع بين الحدود التركية السورية فى أقصى الشمال الغربي من العراق وتطل على نهر دجلة بعد دخوله الحدود العراقية، وفى عام 1991 بعد سيطرة الأكراد على المناطق الشمالية بواسطة الحماية الأمريكية الجوية، نزح إليها الأكراد للسكن فيها بدعم من الحزب الديمقراطي الكردستاني بالرغم من مطالبة الاهالى المسيحين القيادة الكردية بإخلاء القرية من الأكراد المستوطنين الجدد، لكنهم فشلوا فى مطاليبهم العادلة، لان هدف القيادة الكردية هو السيطرة على المزيد من الاراضى، وتوسيع حدودهم حتى تصل إلى ابعد من الحدود العراقية السورية. وقام الأكراد ببناء مستوطنة اسمها الميرانية عند مدخل أراضى القرية الأصلية فيشخا بور، فقد أصبحت فيشخا بور رمزا للاستطيان الكردي، وان العديد من الاراضى الزراعية فى القرية تم توزيعها على الأكراد جماعة البرزانيين. اما قرية شرانش الآشورية التي تبعد مسافة 23 كيلومترا عن مدينة زاخو الحدودية فقد تم سرقة الآثار الآشورية التاريخية على يد الأكراد وباعوا منها الكثير. إنهم يحاولون تدمير الآثار التاريخية للآشوريين بأمر من اليهود، وذلك انتقاما من ملك الاشوريين الذي دمر القدس واخذ بنى إسرائيل أسرى إلى العراق، فالحقد مازال يسرى فى عروقهم، فبدأوا بتخريب الآثار ونقل الصخور والأحجار من مكانها لمسح تاريخ حضارة مابين النهرين من أذهان شعبنا العراقي وباقي شعوب العالم. ولم تسلم منهم القرى الآشورية الأخرى الواقعة قرب دهوك، فقد تم مثلا تكريد قرية كندكوسة الغنية بمياهها وتربتها الخصبة. وقرية مانكيش القريبة من دهوك أصابها نفس المصير. وقرية كند كوسة هي الوحيدة بين أكثر من خمسين قرية تعود للأكراد في منطقة الدوسكى في محافظة دهوك، وتقع شمال غرب ناحية مانكيش على نهر الخابور. أما بالنسبة لأهالي قرية ميزي الآشورية التي تقع غي منطقة بروازي السفلى، فقد منعوا من قبل أكراد القرى المجاورة من السماح لهم بالرجوع إلى قريتهم، وتشيد البيوت البسيطة لهم، مهددين بالقتل من قبل هؤلاء الأكراد المستضعفين سابقا والمستقوين بالاحتلال الأمريكي. وقد قدمت 25 عائلة مسيحية طلبا إلى اللجنة الكردية لإعادة إعمار القرى، وحصلت الموافقة، وهذا شيء بسيط، ولكن المشكلة عند التطبيق فسوف تقف الميلشيات الكردية عائقا في عملية التنفيذ، وتمارس إرهابها بالقتل والتهديد كل من يجرأ غي مباشرة البناء. القيادة الكردية التي كانت تتباكى أمام الأعلام الدولي على مظلومية النظام الوطني السابق، وترحيل الأكراد من قراهم وتدميرها، فأنها هي بالذات تمارس هذا الأسلوب بحق الفئات الأخرى من الشعب العراقي وخاصة الاشوريين. فهذه القرية كند كوسة أصحابها المساكين قدموا عشرات الشكاوى والمظالم إلى الجهات المختصة في حكومة الأكراد لحلها، ولكن بقيت هذه الشكاوى بدون حل، لقد سلكوا كل الطرق القانونية لإنصافهم وإعادة الحق لهم بعد تقديمهم خرائط القرية التي تظهر بوضوح حقوقهم المتجاوز عليها، وأقرت كل اللجان الزراعية المكلفة بمتابعة هذه التجاوزات الكردية، وأقرت بحقوق الاشوريين، ولكن دون إن يتم تنفيذ أي شيء، بل وصلت الحالة إلى تهديد المسيحيين والوعيد والترهيب وتخريب مزارعهم وحتى القتل، وتم إغراق مزارعهم بالمياه وإتلاف المحاصيل الزراعية، ورش المزروعات بالمبيدات الكيماوية السامة لقتل الزرع، وتحطيم مضخات المياه التي تسقي المزروعات.
والقيادة الكردية العميلة مستمرة بفتح مقرات حزبية لها فى القرى الآشورية والكلدانية، بعد أن تم تكريدهم فى محافظتي اربيل ودهوك. وقد أجبرت تلك القيادات على الاشوريين فى رفع العلم الكردي فى قراهم، وبات محرما عليهم رفع العلم العراقي، وبدوا بفرض اللغة الكردية على أبناء المنطقة بدلا من اللغة العربية انه تكريد قسري يمارس ضد الأقليات المسيحية فى الشمال.
إن القيادة الكردية ليسوا متحررين من النفوذ الاسرائيلى وتغلغلهم في مناطقهم،والشعب العراقي لم يتفاجأ بعمق العلاقة والصلات بين القيادات الكردية العشائرية والكيان الصهيونى. لقد اكتشف العراقيون هذه العلاقة منذ زمن بعيد بعد ثورة 14 رمضان وفى عهد عبد الكريم قاسم، ورغم إن القيادات الكردية كانت تنفى على الدوام وفى ذلك الوقت وجود مثل هذه الصلات، إلا إن المصادر الإسرائيلية هي التي كشفت هذه العلاقة قبل غيرها.
المدن والقرى الآشورية
مدينة اربيل
أما مدينة اربيل فقد كانت مدينة آشورية الأصل، تأسست عام 2300 قبل الميلاد على يد السومريين واسمها الاصلى اريخا وتعنى مدينة الآلهة الأربعة يكفى إن تشهد قلعتها التاريخية العظيمة على اشوريتها واكديتها، وبالنسبة لتاريخ بناء القلعة ليس هناك تاريخ محدد أو بالا حرى ليوجد مصدر ثابت يؤكد على تحديد تاريخ بناءها، اذ إن اغلب المصادر تذهب إلى إن هذا التل الاثرى (القلعة) يقوم فوق تراكم طبقات أثرية كثيرة تمثل مستوطنات متعاقبة منذ إن قام أول مستوطن فوق ما يسمى بالأرض البكر في زمن لا يعلم امتداده وتحديده. وفى العهد الاشورى كانت مركزا رئيسيا لعبادة الآلهة عشتار. وكان العراقيون القدماء يقدسون اربيل ويحجوا إليها ملوكهم قبل الإقدام على اى حملة عسكرية. وفى القرن الثالث بعد الميلاد أصبحت اربيل مسيحية، وسميت بأسم ارامى (حد باب) وصارت من أهم مراكز المسيحية (النسطورية) وتم فتحها المسلمون في عصر عمر بن الخطاب عن طريق القائد عتبة بن فرقد. وقد أطلق عليها اسم اربل فى العصر العباسي، وكانت تسكن فى ذلك العصر من قبل العرب والاكراد، وحتى إن المؤرخ الكبير ياقوت الحموي الذي زارها عام 1228 ميلادية وصف أهلها بأنهم من الأكراد ولكنهم استعربوا، وقد ذكر ابن المستوفى فى كتابه (تاريخ اربل) بأنها كانت زاخرة بأعداد كبيرة من العلماء والأدباء العرب. يدرك مدى الاستعراب الذي بلغته. وحتى الباحث محمد أمين زكى ذكر فى كتابه (تاريخ الكرد) وقوع فتنة فى اربل سنة 1279 ميلادية ضد المغول بتأييد من العرب والاكراد، اى بالاتفاق بين الفريقين، مما يدل على وجود العرب بنسبة مهمة. ولاحظ الرحالة البريطاني رش الذي زارها عام 1826 وجود مضارب قبيلة (حرب) العربية فى السهول المحيطة بقلعة اربل. وكذلك يذكر القنصل الفرنسي بالاس وجود قبيلة طي بجوار اربل سنة 1851، وان شيخها تعهد له بحماية عماله الذين كانوا يعملون فى التنقيب عن الآثار. ويقول الباحث عباس العزاوى إن بعض القبائل العربية لا تزال تقيم فى مواطن عديدة من لواء اربيل. وكانت اربيل يسكنها غالبية تركمانية وسريانية، والاكراد نزحوا إليها بعد الحرب العالمية الثانية وبكثافة، من الجبال المحيطة بها حتى أصبحت ألان بغالبية كردية. والحكومة العراقية السابقة جعلت من مدينة اربيل مركزا للحكم الذاتي لكردستان العراق، وقد هاجر كثير من الأكراد إلى هذه المدينة ابتدأ من النصف الثاني من القرن العشرين. وفى السنوات الأخيرة استبدلت المليشيات الكردية اسم المدينة التاريخية إلى كلمة كردية وهى (هولير) ضاربين التاريخ والجغرافيا عرض الحائط
دهوك
فهي مدينة آشورية الأصل، واسمها الاشورى الارامى (نوهدرا) ويسميها البعض من اهالى القوش وقرى سهل نينوى (ات توك) منذ القدم. وفيها معالم آشورية تعود إلى زمن الملك سنحاريب (705 – 568) قبل الميلاد. وهناك تل يبعد عن دهوك خمس كيلومترات يعتقد انه مركز مدينة (معليايي) الآشورية، وتعنى المرتفع، وتنتشر على سطحه فخار من العصر الاشورى حيث كان حصنا عسكريا. وقد سكنها بعض العوائل الكردية المهاجرة من ناحية الدوسكى بداية القرن الماضي ونزح إليها أيضا البادينانيون الأكراد من الجبال الواقعة جنوب الأناضول، ولا يزال الاشوريين سكانها القدماء يشكلون نسبة مهمة من سكان دهوك. حيث كانت أراضى القصبة ملكا لسكانها الاشوريين واليهود البالغ عددهم 924 نسمة الذين غادروها عام 1949. لقد كان عدد سكان دهوك عام 1923 قرابة (2700 ) نسمة ارتفع عام 1947 إلى( 5621 ) ونظرا لسياسات القيادة الكردية في التوسع والانتشار والاستطيان، ازدادت الهجرة إلى دهوك بشكل مكثف حيث بلغ عدد سكانها (36521) عام 1977. وارتفع عام 1983 ليصل إلى (80347) وهذا التدفق السريع للأكراد جاء على حساب أبناءها الأصليين الاشوريين، حيث تم الاستيلاء على الكثير من الاراضى الزراعية بدون تعويض، وثم توزيعها على العوائل الكردية المستوطنة. ويقدر عدد الاشوريين المتواجدين فى دهوك حاليا حوالى (30000) نسمة. لقد تعرض أبناء دهوك الاشوريين إلى شتى أنواع الاضطهاد والمضايقات على يد الأكراد وميليشياتهم الحزبية (البشمركة).
والقيادات الكردية الحزبية تصادر الاراضى والقرى المسيحية بإصدار القوانين حسب مرامهم ومقياسهم، وبرلمانهم يصادق على هذه القوانين. وقد تم تكريد كثيرا من هذه القرى، وعلى سبيل المثال قرية مالطة (معثايا) وهى من القرى الآشورية القديمة والقريبة من دهوك، وبدأ الاستيطان في هذه القرية منذ عام 1960، إلى إن خلت القرية من سكانها الأصليين وحل محلهم الأكراد عام 1991. وقرية ماسيك القريبة أيضا من دهوك تم تكريدها بالكامل عام 1991. وقرية كاني ماسي، وتعتبر من اكبر القرى الآشورية في منطقة بر وارى بالا تم تكريدها أيضا لأنها تقع على الحدود التركية. قرية دوري وتقع أيضا على الحدود التركية. وقرية اقري هجرها أهلها، ولم يعودوا إليها بسبب تجاوزات الأكراد على أراضى القرية بعد عام 1991. وهناك أكثر من 32 قرية آشورية تم تهجير أهلها منذ الحرب العالمية الأولى. ). وبما إن الأكراد لم يؤسسوا أية مدينة كردية فى شمال العراق، فأنني سأقدم هنا نبذة قصيرة عن مدن شمال العراق وتاريخها التي أصبحت كردية بمرور الزمن.
تلسقف
قرية تلسقف هي كلمة سريانية أي تلازقيبا الكلمة الأولى تعني التل ومعنى الثانية الصليب أو المرتفع. فبعضهم يقول أن في جنوبها ثلاث تلال ترمز إلى الصليب، فيكون معناها تل الصليب. والأخر يقول أن احد ألتلالي مرتفع وعلي، فترمز إلى معنى التل المرتفع. وهناك رأي أخر يقول أن كلمة تلسقف كلمة عربية تعني (تل أسقف) أي تل الأسقف، وهذا ما ذهب إليه ياقوت الحموي. وهي قرية كبيرة تسكنها حاليا نحو ستمائة عائلة وهي تبعد عن الموصل نحو سبعة وعشرين كيلومترا على طريق الموصل – دهوك.
عنكاوا
مدينة كلدانية الأصل صغيرة تقع شمال غرب مدينة اربيل، تبعد عنها بأربعة كيلومترات، ويقدر عدد سكانها 20000 نسمة أكثرهم من المسيحيين الكلدانيين. سميت عنكاوا منذ القدم بعدة أسماء منها عمكا – أباد وثم عمكو وعمكاوا، وأخيرا عنكاوا. جاء اسمها في كتاب (مختصر تاريخ البلدان) لابن العبري، حيث يقول في الكتاب هاجمت الفوات المغولية منطقة اربيل يوم الأحد من تموز عام 1285 ووصلت إلى بعض القرى. كانت إحدى تلك القرى عنكاوا. وذكرها أيضا الرحالة الغربيين في كتبهم. دخلت المسيحية إلى هذه القرية منذ القرون الأولى للمسيحية، وبنى فيها دير يدعى مار عودا أو عبدا، ويعود تاريخيه إلى العهد الساساني 224 ميلادية. وقد وجد على جدران كنيسة مار كوركيس كتابات باللغة السريانية تقول هذه الكتابات بأن الكنيسة قد تم إعادة بناءها في عام 816 ميلادية. وتعتبر هذه الكنيسة من أقدم الكنائس الباقية لحد ألان في اربيل.
وبما إن الاشوريين يعيشون في ارض أجدادهم القدماء، والتي أصبحت ألان جزءا من أراضي الأكراد، فهي أساسا أرضهم التاريخية في شمال العراق، وبما إن قادة الأكراد يعتبرون الفيدرالية حق وطني مشروع نظرا لكونه جاء وفق صياغة الدستور الذي قاموا بتمريره بالتزوير الفاضح، رغم إرادة الشعب، ولهذا يترتب عليهم ديمقراطيا المطالبة بحقوقهم الفدرالية ضمن الدولة الكردية التي يسعى قادة الأكراد لإنشائها وتكوينها وإعلانها مستقبلا. فمثلما للأكراد خصوصيتهم الجغرافية، فالآشوريين أيضا لهم خصوصيتهم الثقافية والدينية. فلماذا للأكراد مسموح بالفدرالية، وممنوع على الاشوريين المطالبة بها ؟. من حق الآشوري إن يقرر بنفسه على أرضه وارض أجداده الأولين المطالبة بالفدرالية وانتزاعها قانونيا وعدلا من قادة الأكراد المتعصبين. من يلقي نظرة سريعة على خارطة تواجد هذا الشعب الآشوري المنكوب على أرضه التاريخية في العراق، وأين أصبحوا ألان سيجد بأن لهم الحق في المطالبة بالفدرالية ضمن إقليم الأكراد الذي يطلق عليه كردستان، وذلك للخصوصية التي يتمتعون بها من لغتهم وعاداتهم وتاريخهم ومعتقداتهم الدينية، وعلى الضمائر الحية صيانة أحفاد الشعوب العريقة في العراق من الاندثار أو الرحيل من مناطقهم، والحفاظ على سلامة ما تبقى من هذا الشعب الذي عانى من المذابح والويلات الأمرين، وبما يندى لها الجبين. فهم قد أضحوا اليوم مشردين في أنحاء الكرة الأرضية ووضعهم شبيه بوضع الهنود الحمر في أمريكا الشمالية. إلا إن هذا الشعب المسكين يؤمن (مهما تعاونت القيادة الكردية الخائنة مع إسرائيل ضد أحفاد الاشوريين العراقيين الشرفاء ) فأنهم يرددون هتافهم عاليا:
((عاش العراق موحدا، وعاش شعبه متحدا))