مشروع انشاء برلمان أشـوري

ندعو هنا جميع الآشـوريين بأن يشاركو في مشروع انشاء برلمان آشـور في المنفى. يجب على طالب المشاركه بأن لا يكون له ارتباط بحزب او حركه سياسيه. كما يجب ان يكون مؤمن بانتمائه القومي الأشـوري ايماناً اعمى. و بتراثه و تأريخه و لغته الآشـوريه.

٢٠١٢-٠٢-٢٣

نينوى الآشورية..


نينوى الآشورية.. 
مدينة الاساطير والمخلوقات العجيبة


انها من اجمل مدن العالم، بهية زاهية، تحتضن جمالها وتنام على كتف بواباتها بانتظار اشراقة توقد فيها ذلك التألق، وتعيد اليها دبيب الحركة والحس والحياة..
انها مدينة نينوى الاشورية مدينة الاساطير والمخلوقات العجيبة،
يطل من بعيد، مخلوق عجيب، بوجه بشري وجسد اشبه بالثور بجلد سمكة وعقبي وذيل اسد، يحلق في سماء المدينة الآشورية نينوى باجنحة نسر عملاق، عندما يظهر ما وراء السور الملتف حول المدينة كأفعوان يغفو على كتف المدينة التي يحرسها.


تلك المدينة العجيبة، المسكونة بحكايات وحكايات لا تقل بغرابة مضمونها عن شكل الثور الطائر بجناحي نسر ومخالب اسد ووجه انسان وجلد سمكة.



انه الثور المجنح الذي وصفه كاتب الدولة وحامل اختامها في قصر الملك سنحاريب بأنه الكائن الآشوري الذي يرمز الى القوة والحكمة ورخاء الدولة، وجاء في لوح طيني تم العثور عليه في مكتبة اشور بانيبال


ان عظمة الدولة تكمن في حكمة ملوكها وقوة بأسهم وان هذا الكائن الغامض يرمز الى تلك الحكمة وتلك القوة حيث تم اقامة اكثر من ثور واحد على بوابات المدينة باستثناء بوابة نركال المخصصة لدخول وخروج الملك الى رعيته.


او الى المعابد المنتشرة خارج السور في ضواحي المدينة، ومن هذه البوابة خرج الاله نركال اله الطاعون قبل ان يكون اله العالم السفلي وكان يتمتع بقوة كبيرة يخافه الناس كثيرا وله زوجة لا تقل عنه قوة اسمها الالهة (لاص) فبينما اتخذ الالهة (اريش كيكال) زوجة ثانية له في العالم السفلي كما تشير احدى الاساطير المدونة على رقم اشوري وكانت هذه الزوجة قبل زواجها من نركال هي سيدة العالم السفلي الى ان تزوجت من الاله نركال ليصبح ملكا على العالم السفلي هو الاخر حيث تقول الاسطورة:


ان الالهة اقامت وليمة كبرى لجميع الالهات ونظرا لان ملكة العالم السفلي (اريش كيكال) لم تتمكن من الذهاب الى الوليمة فقد ارسلت مبعوثا عنها ولدى وصول المبعوث الى الوليمة وقف جميع الالهة خوفا وتقديرا واحتراما لسيدته باستثناء الاله نركال الذي رفض الوقوف، فأمرته الالهة العظام ان ينزل الى العالم السفلي لمقابلة الالهة اريش كيكال وتقديم الاعتذار لها 
قبل ان يفعل ذلك اوصاه الاله (ايا) اله الحكمة والمعرفة بأن لايقترب من أي شراب او طعام يقدم له وحذره من الوقوع تحت تأثير اغرائها وسحرها، وقد اتبع نركال هذه التعليمات الا انه لم يقو على اغراء اريش كيكال حيث وقع في حبها وظل معها ستة ايام متتالية


عاد بعدها الى العالم العلوي مؤقتا، غير ان اريش كيكال تعلقت به وزاد شوقها اليه كزوج لها فارسلت اليه مهددة بافناء الخصوبة والحياة من الارض ان لم يعد اليها على الفور، مما اضطر نركال الى الرضوخ الى رغبة اريش كيكال وعاد الى العالم السفلي ليصبح ملكا عليه
لقدسية وعظمة الثيران المجنحة في زمن الدولة الآشورية فقد عكف النحات الآشوري في مشغله بمكان بعيد عن العاصمة نينوى لكي ينحت هذه الثيران بكثير من السرية والتكتم، ليتم بعد استكمال العمل فيها وانجازها على الوجه الاكمل ارسالها الى العاصمة نينوى بعد ذلك.


وقد اشارت الالواح الطينية المكتشفة في مكتبة آشور الى ان المشغل الذي يتولى نحت هذه الثيران يقع في مدينة ( بلد) 50 كم شمال غربي الموصل، وكانت بلد في زمن الدولة الآشورية 4500 - 3800 ق . م من المدن المهمة، كونها تحتوي على مقالع الحجر الصالح لعمل الثماثيل والمسلات وبقية الاعمال المعمارية الاخرى، وقد كانت مركزا فنيا مهما لنحت التماثيل الكبيرة الحجم، ومنها الثيران المجنحة، حيث يتم نقلها بعد الانجاز النهائي الى عاصمة الدولة (نينوى) وبقية المدن والمعابد الاخرى بوساطة (الاكلاك) عبر نهر دجلة، لذلك اطلق على هذه المدينة اسم (الحياة) تقديرا لاهميتها ومكانتها، لكونها كانت تمدهم بكل مقومات الفن والتجديد الخاصة بالقصور الملكية او المعابد المهمة في انحاء الامبراطورية الآشورية.


بصوت كأنه العاصفة، لا يشبه اصوات البشر طلب الي دخول المدينة المسورة ذات البوابات الكبيرة الشامخة المحمية بعشرات المخلوقات العجيبة، ثم اردف:
انك الآن في حضرة العاصمة الثالثة لدولة آشور ، مملكة سنحاريب الحكيم!










تَكْشِفُ لنا النصوصُ والأناشيدُ التموزية عن جانب طقسي واعتقادي ذي أهمية بالغة في الحياة الدينية لثقافات الشرق القديم. فإلى جانب الاعتقاد بوجود قوى إلهية تعمل على حفظ بناء الإنسان ورعاية مصادر عيشه، اعتقد الإنسان القديم بقدرته على الاعتماد على هذه القوى في مهمتها،
إن الإله تموز لم يكن يموت كلَّ سنة، ثم يُبعَث إلى الحياة من جديد، كما تعوَّد الباحثون قوله وتكراره بتأثير ملاحظتهم ولكنه مات، وبُعِثَ إلى الحياة، وتزوج الإلهة إنانا، وليس موتُه وبعثُه كلَّ عام إلا دورة حياة طقسية يجري تكرارُها دراميًّا


رغم أن هذا الجانب من المعتقدات والطقوس الشرقية يصنَّف عادة تحت اسم عبادات الخصب، التي يرى فيها معظمُ الباحثين نزوعًا نحو حفظ بقاء الإنسان وتأمين موارد عيشه، ذلك أن دوموزي–آبسو، ابن الماء الخلاق، مجدِّد طاقة الحياة وحافِظ قوى الخصوبة والنماء، هو، في الوقت نفسه، قاهر الموت الذي حرَّر نفسه من قوى العالم الأسفل. من هنا فإنه الإله الوحيد القادر على إعطاء الإنسان أملاً في تحقيق الخلود، والأخذ بيده، عِبْر برزخ الموت، نحو عالم آخر أكثر بهجة وسعادة من عالمه الأرضي.



تلعب الطقوس التموزية هنا دورًا مزدوجًا؛ والعِباد الذين يحتفلون بعودة الإله الميت من باطن الأرض، حاملاً معه حزم القمح غذاءً للجسد، إنما يستحضرون، في الوقت ذاته، تلك القوة القادرة على دحْر الموت وتحقيق الخلاص من بؤس الحياة الأرضية ومن ظلمات العالم الأسفل. ومن ناحية أخرى، فإن ارتباط فكرة بعث الروح وتجديدها بعبادة الخصب نابعٌ من نظرة الإنسان القديم إلى نموِّ الزرع، باعتباره معجزة غير مفهومة: فالبذور الصلدة الصمَّاء تودَع في الأرض بضعة شهور، لتدبَّ فيها الحياة وتعطي ورقًا وحَبًّا جديدًا. فإذا كانت هذه المعجزة ممكنة في عالم النبات فإنها ممكنة أيضًا بالنسبة للإنسان.



وعودة الحياة إلى العظام الصلبة الميتة ليس أكثر استحالةً من عودة الحياة إلى البذور، لأن القوة الفاعلة في كلا البعثين واحدة. 
ومع هذا الإدراك لإمكانية الخلاص بواسطة الإله الذي مات وقام من بين الأموات، يتحول الموت من مصير فردي مظلم إلى مرحلة تطهير وتجديد، يبلى معها الجسم الدنيوي ويُستبدَل به جسمٌ نوراني قادر على البقاء والاستمرار في عالم الآلهة الخالدين. من هنا تأتي تلك الصلة الغامضة بين آلهة الخصب وآلهة الموت – صلة تبدو من القرب أحيانًا حتى درجة التطابق التام بينها.




لقد انتصر تموز على قوى الظلام، وصعد ظافرًا إلى حياة جديدة. ومعه يصعد الأمل في قلوب المشاركين في الطقس بقدرتهم على قهر الموت، كما قَهَرَه إلههُم الذي يحضر بينهم، ويستشعرون وجوده حقًّا وصدقًا. وها هو يعطي لكلِّ مؤمن وعدًا بأنه سيكون حاضرًا لديه عندما تأتي ساعة المنية، ليقوده في طريق النشور إلى العالم الثاني.


لقد دخل المحتفلون إلى الأسطورة؛ والأسطورة هنا لم تعد قصةً وقعت في زمن ماضٍ، بل واقعٌ حيٌّ، هنا والآن. ذلك أن صيغة الماضي (التي تُروى بها الأسطورة عادة) تتحول، من خلال الطقس، إلى صيغة الحاضر، وتفصح عن جوهرها القائم أبدًا، حيث تتحول مقولة: "عندما في البدء" إلى مقولة: "عندما في الآن".






ويأتي الطقس بالقوى الإلهية، فيجعلها حاضرةً بين المحتفلين، مثلما كانت حاضرةً بين الجيل الأول من الأسلاف، لا باعتبارها كائنات عُلوية تتطلَّب الصلوات، ولكن باعتبارها تمثيلاً للحقائق الفائقة لصيرورة الوجود ، باعتبارها قوى ممتزجة بألم هذه اللحظة التي تنبض بالحياة، وفي الوقت نفسه تغمس جذورها في قرار الموت.

الأسطورة الحق هي الأسطورة التي تفصح عن وجهيها هذين: وجه القِدَم، ووجه الآن المزروع في السرمدية.






إن الوجه الآخر للمعتقَد التموزي، باعتباره معتقدًا للخلاص، لا تُظهِر لنا فى الوثائق الكتابية. والسببُ في ذلك راجعٌ إلى أن عقيدة الموت والخلود التموزية لم تكن العقيدة الرسمية في سومر خلال عصر التدوين السومري (فترة حكم أسرة أور الثالثة 2100-2000 ق م) الذي تمَّتْ في أثنائه عملية تحرير واستنساخ معظم ما نعرفه من النصوص الأدبية السومرية.


 فلقد نضجتْ التصوراتُ اللاهوتية لعقيدة الخلود التموزية منذ عصر ما قبل الأسرات؛ ولدينا شواهد فنية على وجودها منذ عصر جمدت نصر (3100-2900 ق م). ولكن هذه العقيدة تعرَّضَتْ، خلال العصر الصارغوني السامي (2300-2160 ق م)، إلى مقاومة رسمية من جانب اللاهوت الجديد للحكام الساميين، وهو لاهوت يدور حول الآلهة الكوكبية ولا يعير كبير اهتمام لآلهة الدورة الطبيعية التي كانت في بؤرة الحياة الدينية السومرية – ناهيك عن معتقد الخلود الذي تخلو منه 
الديانة السامية خلوًّا تامًا


لقد كان اكتشاف المقابر الملكية لملوك عصر فجر السلالات، في كلٍّ من مدينتي كيش وأور، أول ما لَفَتَ النظر إلى عقيدة الموت والخلود السومرية. ففي موقع مدينة كيش تمَّ اكتشاف عدة مقابر ملكية احتوتْ، إلى جانب المدفون الرئيسي، وعثرعلى جثث عدد من حيوانات الجر، وعلى جثث عدد من الخدم والأتباع الذين رافقوا سيدهم إلى العالم الآخر. كما وُجِدَتْ بين المدفونات الجنائزية مناشير من النحاس وأزاميل. ويخدم وجود هذه الأدوات غايةً رمزية تتصل بالاعتقاد بأن الملك، الذي لعب في حياته دور الإله تموز، سوف يحرِّر نفسه من القبر ويُبعَث من جديد،

كما فعل تموز قبله.




ولسوف تتضح هذه الأفكار والممارسات المتعلقة بالبعث والنشور بشكل أكبر في مكتشفات المقابر الملكية لأسرة أور الأولى.


ففي موقع مدينة أور، على مقربة من المعبد الرئيسي لإله القمر نانا، اكتشفتْ بعثةُ التنقيب البريطانية برئاسة السيد ليونارد وولي، في العام 1953، أرض مقبرة سومرية واسعة،



احتوتْ في سويتها العليا على حوالى 1850 قبرًا سطحيًّا من النوع العادي البسيط، المخصَّص لدفن عامة الناس. أما في سويتها السفلى فقد تمَّ اكتشاف ست عشرة مقبرة نفقية على عمق عشرة أمتار من سطح الأرض؛ وتبيَّن من نقوش الأختام الأسطوانية التي كانت بين الهدايا الجنائزية أنها كانت مقابر لملوك أور الأولى وزوجاتهم.

ورغم الاختلافات البسيطة في طريقة تنفيذ هذه المقابر، إلا أنها تنتظم وفق مخطَّط معماري واحد، وجرى الدفن فيها وفق طقوس جنائزية متشابهة. تتألف المقبرة الواحدة من ردهة رئيسية مخصَّصة لدفن الملك، ومن غرفة أخرى أو أكثر لدفن الأتباع الذين رافقوا ملكهم طوعًا إلى مثواه الأخير. وسنقدِّم، فيما يلي، وصفًا لأهم هذه المدافن، وهو مدفن مزدوج مخصَّص للملك أبارجي وزوجته المدعوة شبعد



في الردهة المخصَّصة لمدفن الملك كانت الحجرة مثقوبة من الأعلى، وجثة المدفون الرئيسي مفقودة؛ وهذه واقعة تتكرَّر في بقية المدافن الملكية. وقد عُثِرَ قرب المكان المخصَّص لدفن الملك على قارب صغير من الفضة، وآخر من النحاس مع مجاذيفهما. وبما أن طول الواحد


منهما لا يتجاوز المتر فإن وجودهما يخدم غاية رمزية، مثلهما في ذلك مثل الإناء الحجري الذي وُجِدَ على مقربة منهما، ويحتوي على أدوات نحاسية، بينها مثقب ومنشار وإزميل، وأيضًا منشار ذهبي وإزميل ذهبي.الادلة تؤكد ان عبادة القمر كانت فى كامل نشاطها في العصر المسيحي .








كما عُثِرَ على لوحة من الفضة ذات شكل شطرنجي، مقسمة إلى مربعات، في كلِّ مربع مناظر وأشكال منفَّذة بأسلوب الترصيع بالفضة واللازورد. ومن أوضح المَشاهد المصورة في هذه المربعات هناك زهرة ثُمانية الوريقات وشجرة بين حيوانين أهليين يشبَّان على قوائمهما الخلفية ويقضمان من أوراقها، وصراع بين ثور وأسد (الشكل 1).







بعض المَشاهد المصورة على لوحة المربعات من مقبرة الملك السومري أبارجي
وكما سنرى بعد قليل فإن جميع هذه المَشاهد من الفن المصوَّر ذات صلة بعقيدة تموز–إنانا. أما في المكان المخصَّص لدفن الأتباع فقد عُثِرَ على 57 جثة ممددة قرب بعضها بعضًا، إضافة إلى ستة محاربين، بخُوَذِهم النحاسية ورماحهم.




الراعي الملكي ذو التنورة الشبكية



وخلف هؤلاء تقف عربتان بأربع عجلات، مع جثث حيوانات الجر من الثيران والسائقين وخدم العربات. كما رافقتْ الملك أيضًا تسعة نسوة بكامل زينتهن، من حلي ذهبية ومشابك شعر فضية وأكاليل من اللازورد والعقيق وغيرها. ويتضح من وجود الأدوات الموسيقية قرب هؤلاء النسوة أن هذه المجموعة كانت تؤلف جوقة الملك الموسيقية.



الحقل الأعلى من قيثارة جوقة الملك



بين الأدوات الموسيقية تلفت نظرنا، بشكل خاص، قيثارةٌ كبيرة، رُصِّعَ وجهُها الأمامي بعدد من المَشاهد، موزعة على أربعة حقول متوضعة فوق بعضها بعضًا. في الحقل العلوي الرئيسي نجد صورةً لرجل عارٍ متمنطق بحزام، ذي شعر أجعد ولحية مضفورة، وهو يقبض بكلتا ذراعيه على ثورين لهما رأس آدمي ولحية. وهذه هي إحدى التمثيلات الرئيسية للإله تموز من ذلك العصر .


وفي الحقول الثلاثة الأخرى لدينا مَشاهد لحيوانات منتصبة على قوائمها في أوضاع شتى، بعضها يحمل في يديه جرار شراب وبعضها يعزف الموسيقى. ويوحي أسلوب تنفيذ رسوم هذه الحيوانات بأنها تمثِّل آدميين متنكِّرين بلباس حيوانات؛ الأمر الذي يستحضر إلى الذهن كرنفالات الربيع المرتبطة بأعياد تموز.





ختم يمثل مشهد الشراب في الأعلى وصراع البطل حامي القطعان مع الأسد










وبملاصقة مقبرة الملك أبارجي، تمَّ العثور على مقبرة أخرى مخصَّصة لزوجته الملكة شبعد. وقد وُجِدَتْ جثة الملكة في مكانها، في كامل زينتها الملكية الباهرة، إضافة إلى جثث أربعة حراس متمنطقين بخناجر، وتسعة نسوة، تبيَّن من زينتهن أنهن من الكاهنات. وكانت يد إحداهن ما تزال على أوتار آلة موسيقية حتى وقت الاكتشاف؛ الأمر الذي يدل على أنها بقيت تعزف حتى آخر لحظة من حياتها.










وقد زُيِّنَتْ واجهةُ هذه الآلة الوترية أيضًا بعدد من المَشاهد المرصعة والمتوضِّعة بعضها فوق بعض. في الحقل الأول نجد نسرًا برأس أسد يقبض بمخالبه على عنزتين؛ وفي الحقل الثاني شجرةً يشبُّ عن يمينها ويسارها ثوران؛ وفي الثالث بطلاً في هيئة هي مزيج من إنسان وثور يقهر نمرين؛ وفي الرابع صراعًا بين أسد وثور. وجميع هذه المَشاهد تنتمي إلى دائرة الفن المصور لعقيدةتموز وإنانا





ويعلق السير ليونارد دولي على هذه المقابر النفقية التي اكتشفها بقوله إن الملك السومري المتوفى كان يصطحب معه جميع أفراد بلاطه وحاشيته. فهؤلاء المدفونين مع الملك لم يكونوا من العبيد الذين أُجبِروا على الموت، بل من الأتباع ذوي المكانة في القصر. وقد جاؤوا بكامل لباسهم الرسمي إلى المقبرة لتأدية طقس طوعي من شأنه، في اعتقادهم، أن يعبُر بهم من عالم إلى عالم آخر، ومن خدمة إله على الأرض إلى خدمة نفس الإله في عالم ثانٍ. إن كلَّ الدلائل تشير إلى أن هؤلاء المتطوعين قد وصلوا أحياء إلى المقبرة.








ومن الجائز أنهم قد تناولوا هناك شرابًا قاتلاً، وبعد مفارقتهم الحياة تمَّ ترتيب جثثهم في وضعيتها الأخيرة قبل إغلاق القبر.






رحلة إلاهة الخصب إلى عالم الأموات



قررت ((عينانا)) القيام برحلة إلى عالم الأموات أوالعالم السفليّ كما يسميه السومريون. وبعد إجراءات معقَّدة سُمح لها بدخول "عالم اللارجعة" بعد أن جُرِّدت من ثيابها وحليّها وتاجها. ولكنْ عندما عبرت البوابة السابعة والتقت أختها (إيرشكيجال) إلهة العالم السفليّ، استشاطت هذه غضباً وأمرت وزيرها (نمتار) أن يسجن أختها (عينانا) ويطلق الأرواح الشريرة عليها لتعذيبها.



وعندما أحست الآلهة والناس وسائر المخلوقات بأن مكروهاً وقع لإلهة الخصب (عينانا) عمّ الحزن، واستنجدت الآلهة بأنكي إله الحكمة لتحرير (عينانا). فأخذ أنكي شيئاً من الطين وصنع منه مخلوقين أعطى الأول منهما (طعام الحياة) والثاني (ماء الحياة) وأمرهما بأن ينزلا إلى العالم السفليّ وينثرا ما يحملان على جسد (عينانا) لتعود إلى الحياة من جديد.


وأخذت (عينانا) أُهبتها للخروج من عالم الأموات. ومرَّت في طريق عودتها بالبوابات السبع التي دخلت منها. وعند كلِّ بوابة يُعاد إليها ما سبق أن أُخذ منها. غير أن خروجها إلى عالم الحياة كان مشروطاً بتقديمها بديلاً عنها يأخذ مكانها في العالم السفلي. ولهذا لازمتها عند خروجها زمرة من الشياطين لتنفيذ الشرط.



الأوّل من نيسان

رأس السنة الآشورية


من بلاد آشور المعروفة بأسم "ما بين النهرين" ( أي ما بين الدجلة والفرات)، انطلقت الحضارة الأولى في البشرية، وولّدت فكراً ثقافيّاً متكاملاً ساعد على بناء الأسس العلمية والدينية لكافة الحضارات. وبابل التي ستأخذ حصّة كبيرة من الأسطر التالية، ما هي إلاّ مدينة آشورية كما يؤكّد المؤرّخ الأغريقي هيرودوتس حين يقول : " بعدَ أن سيطر قوروش الفارسي على بقاع واسعة، قرّر احتلال آشور حيث المدن العظيمة وكانت "بابل" أقواها وأكثرها شهرةً، وقد انتقل اليها كرسي الحكم بعد سقوط نينوى... ".

ولو تعمّقنا في حضارة بلاد آشور، لوجدناها أوّل من وحّدت الإله الخالق، الغير منظور وعظيم كلّ الآلهة، لكن تحت إسمٍ مختلف كلّ مرّة، حيث نجد الإله إنليل السومري الذي قتل تنين البحار ليحلّ السلام في الكون، ثم مردوخ أو آشور في بابل ونينوى، وانتقلت الفكرة إلى الشعوب المجاورة حيث الإلهة "عناة" حبيبة "بعل" عند الفينيقيين قتلت التنين في ملحمة الخلق الكنعانية وحتى يهوا عند العبرانيين هو البطل الذي قتل التنين في اسطورة التوراة ( إشعيا 27: 1- إشعيا 9:51 - المزامير: 11:74/ 13 و11:89) كلّ تلك الآلهة التي قتلت تنين الشر في الأساطير، كانت لتعبّر عن الإله "الأعظم"، الذي سيأخذ إسماً في كلّ مرحلة لينتهي بعبارة "الله" في ما بعد الميلاد (من إيل)، الذي بقوّته أيضاً سيموت التنين على يد القدّيس مار جرجس الشهيد، وحتى على يد القديس مار زيا (زيعا) شفيع الآشوريين المسيحيين اليوم.


ونلاحظ دائماً في دراسة ديانة بلاد آشور أنّ هنالك تعدّداً للآلهة كون الإنسان قدّس في البدء كل ما هو مخيف، واعتبر كلّ حركة في الطبيعة والحياة، كأداة بيد إله من الآلهة، فعند جفاف المواسم كان الشعب يصلي إلى إله الخصب وإله الرعد، وعندما كان الملك يحتار في أمره كان يلجأ إلى إله الحكمة، وذلك نتيجة تفاعل الإنسان مع محيطه، ولكن كلّ هذه الآلهة كانت في المرتبة الثانية من الألوهية بحيث احتل الأولويّة سيد الآلهة، ملك الكون ومثالاً على ذلك صلاة الملك " آتور ناطر ابري الثاني" (آشور نصربال- 900 ق.م) إلى الإله آشور (مجلّة "المثقف الآشوري"، بغداد، ت2-1977، ترجمها عن الآكادية عالِم الآشوريّات " فرد تميمي")، بحيث لو بدَلنا في نص الصلاة عبارة "آشور" بعبارة "الله"، لما وجدنا فرقاً بينها وبين صلوات اليوم في الكنائس.


وفي أربعينات القرن التاسع عشر تمّ اكتشاف مكتبة الملك آشور بانيبال(626-667 ق.م)، بواسطة العالم الإنكليزي أوستن هنري لايرد (الملقب بأبي الآشوريات)، ومعاونه العالِم هرمز رسّام (آشوري من الموصل)، وقد احتوَت هذه المكتبة على حوالي 25000 لوح من الآجر من بينها قصة الطوفان الأولى- ملحمة كلكامش، ملحمة الآلهة عشتار، وفي هذه المكتبة بالذات، وُجدت نصوص ملحمة الخلق " إينوما إيليش"(عندما في العُلى)، مدوَّنة بالأحرف المسمارية على سبعة ألواح تتطرّق إلى سبعة أجيالٍ حول خلق الكون والبشر والتي تطابقُها في أغلب نصوصها، الأيام السبعة في سفر التكوين- التوراة. واعتبرت محتوَيات هذه المكتبة، المفتاح الرئيسي لعلم الآشوريات والمقدمة لكشف المدوّنات المزيفة التي طغت على الفكر البشري لألفي عام. فعلمياً حلّت محتويات هذه المكتبة الأثرية محلّ التوراة الذي اعتبر لقرون طويلة المرجع التاريخي الوحيد عن تاريخ المنطقة، وذلك بعد توصّل العالم هنري رولنسون إلى قراءة الأحرف المسمارية في منتصف القرن التاسع عشر، ثمّ جورج سميث الذي هزّ الأوساط التوراتية في العالم بعد تمكّنه من قراءة وتفسير ملحمة الطوفان البابلية عام 1872. كما إنّ المطابقات بين ديانة بلاد آشور وأساطير التوراة، أذهلت العلماء حتّى اليهود منهم لدى اكتشاف النصوص الآشورية المكتوبة بالحرف المسماري، فابتكر العلماء عبارة " توراة ما بين النهرين" وبذلك واجهوا حرباً مع الكنائس الغربية واليهود، أدّت إلى إخفاء العديد من الألواح الهامّة. ويخبرنا العالم فريدريك ديلليتش كيف ألقى محاضرته حول توراة بلاد آشور، في 13/12/1902 في برلين بحضور القيصر فيلهيلم الثاني، ثمّ طلب منه القيصر إعادتها لاحقاً في القصر الملَكي، فأجرى المحاضرة تحت عنوان "بابل والكتاب المقدّس"، وأوضح فيها أن قصص التوراة مأخوذة من بلاد آشور فأدّى ذلك إلى ضجّة في الإعلام الأوروبي، مما سبب له التهديد من قبل بعض الحاخامات، والتوبيخ الشديد من الكنائس الغربية !!

 
ملحمة "إينوما إيليش" – الألواح السبع

والقليل من الشعوب المجاورة لوطن الآشوريين، يعرف عن الأوّل من نيسان وقيمته التراثية- القومية لدى الشعب الآشوري، وخلفياته الفلسفية للإنسانية جمعاء، ولكن بشكل عام يعتبر شهر نيسان بالنسبة للآشوريين اليوم، الشهر المبارك من الرب تماماً كما كان يعتبر منذ آلاف السنين، حيث كان الإعتقاد السائد أن سبب إنبعاث الطبيعة في نيسان هو نزول سيّد الآلهة إلى الأرض وتعاركه مع الآلهة الشرّيرة ثم انتصاره عليها، وزواجه من الإلهة عشتار(آلهة الخصب)، فانبعاث الحياة المتمثلة ببداية الربيع، وقد سُمّيَ هذا العيد بالسومرية " آكيتي زيغوركو" أماّ بالآشورية فكان يسمّى "ريش- شاتين" أي رأس السنة... وعلمياً يعتبر اليوم شهر نيسان البداية الحقيقيّة لدورة الحياة الطبيعية على الأرض كونه في نيسان تبدأ الطبيعة بالتجدد والإنبعاث، وليس في كانون الثاني.

وفي المدن الآشورية (بابل، نينوى وباقي المدن...)، اعتبرت ملحمة "إينوما إيليش"(عندما في العُلى)، التلاوة الطقسية المُجَسِّدة لخلود سيّد الآلهة، وبداية الحياة والهدف منها، وهي من أقدم الأساطير الملحمية في التاريخ، وكانت تُتلى في معبد الإله مردوخ (إيساغيلا = البيت الشامخ) في اليوم الرابع من "آكيتو" (إحتفالات رأس السنة الآشورية في بابل) التي كانت تدوم طوال إثني عشر يوما بعد ليلة إستواء الليل بالنهار (تصادف بين 19 و 21 آذار).

باختصار، تتحدّث مقدّمة "إينوما إيليش" في اللوحة الأولى، عن البدء في الجيل الأوّل حينما كانت الأرض معدومة لا إسم لها، حيث كان الكون يتألف من العنصر الذكر؛ إله المياه العذبة "آبسو" والعنصر الأنثى؛ إلهة المياه المالحة "تيامات"، و"ممّو" إله السحاب الذي يرفرف بينهما (لاحظ التطابق مع سفر التكوين في اليوم الأوّل 1: 1-2) ثم في الجيل السادس، الإله مردوخ ( "آشور" عند آشوريي نينوى ) الذي يخلق "لالو" (الإنسان) ليخدم الآلهة فتستريح في الجيل السابع (تماماً كما خلق الله الإنسان في اليوم السادس، واستراح في اليوم السابع - سفر التكوين2:2-3). وتتلخّص قصّة الخلق في أنّ الإلهة تيامات التي على شكل التنين "هابور" السابح في البحار، كانت تنوي التخلّص من أحفادها المزعجين لتنعم بالراحة مع زوجها آبسو، فأتت بالوحوش المخيفة استعداداً للمعركة، عندها يأتي مردوخ (آشور) ويتعارك معها و ينتهي ذلك بانتصار الإله مردوخ ليشطر المياه تيامات إلى قسمين، فيصنع من القسم الأوّل السماء حيث يخلق النجوم والكواكب، ومن القسم الثاني الأرض حيث يخلق الحيوانات والنباتات، ( كما سيحصل في التوراة، تكوين:1: 6 حيث يفصل الله بين مياه ومياه ويصنع السماء والأرض) وبعد أن ينتهي مردوخ من خلق كلّ ذلك، سيخلق زوجاً من الإنسان بواسطة الدّم والطين(!).. وسيبني بيتاً له في بابل ليستريح فيه كلّما نزل إلى الأرض في نيسان (تماماً كما سيبني ربّ الجنود فيما بعد، بيتاً له في اسرائيل، صموئيل الثاني: 1:7-17- وعبارة "خيمة الآلهة" نجدها في ملحمة جلجامش البابلية التي اقتبست منها نفس قصّة طوفان التوراة بشخصية " نوح" بعد " زيوسودرا" البابلي و "أوتمبشتم" السومري).

كاتب الموضوع الأخ محمد عامر



Source:   http://www.ar-healing.com/vb/showpost.php?p=6497&postcount=3 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق