ميشو كشتو
ليست اللغة مجرّد كلمات وبعض القواعد اللفظية والكتابية فحسب ، بل هي مرآة للحضارة وركن من أركان الثقافة، وميـّـزة من ميزات المجتمع القومي. قوتها تتناسب مع عراقتها وخصوصيتها وتأثيرها على اللغات الأخرى، وأستمراريتها تتناسب مع ثقافة شعبها ونزعته القومية. إن أحد مقومات القومية هو الثقافة، وأحد عناصر الثقافة هي اللغة، والإعتراف بحقيقتنا الثقافية وإظهارها كتعريف لهويتنا التاريخية سيكون دفعة إلى الأمام على طريق إعادة بناء هويتنا القومية بعد أن عصفت فيها المؤامرات الداخلية والخارجية في السنوات الأخيرة. وبما أن اللغة علميا تتألف من كلمات وقواعد، لا بد من معالجة مسألة ثقافتنا القومية بالرجوع إلى مكوناتها وميزاتها بمنتهى الدقة والأمانة كما سيـَـلي.
إن أكثر ما نراه اليوم مقرِّباً لكافة الآراء من بعضها هو تسمية "السورث" لللغة الآشورية الحديثة، فكافة أبناء الشعب الآشوري بمختلف انتماءاتهم من الناحية الطائفية أو المناطقيـّـة، يتفقون على هذه التسمية ويستعملونها، ولكنها علميا تسمية تافهة جداً كونها لم يتم تفسيرها لغويا حتى الآن إلى أية لغة، بل يتفق علماء التاريخ على كونها تأتي من "آشورث" (1) ، وهذا يسهل إثباته كوننا نزيد دائما حرف "الثاء" إلى أسماء اللغات، مثل: العربية: آرابث، الكردية: قوردث، التركية: توركث، الفارسية: فارست، وهكذا الآشورية ... آشورث ومنها "سورث".
ولو أردنا التكلم عن اللغة وأصولها فلا بد لنا أن ندخل في القومية كون اللغة أحد عناصر القومية كما ذكرنا. لا نستطيع القول بأن لغتنا "آكادية" كون أجدادنا الآكاديون لم تكن لديهم ثقافة آكادية واللغة "الآكادية" منسوبة إلى الجغرافيا التي نشأت فيها هذه اللغة وليس إلى "الشعب"، كما لم تكن هناك "نزعة قومية" آكادية بل سياسية اقتصرت على التوسع وتوحيد المناطق الخاضعة في كيان يؤمّن الحماية لمجموعة بشرية، ثقافية كانت أم عرقية (شأنها شأن باقي المجموعات قبل نشوء فكرة "القومية")، بعكس الفتوحات الآشورية التي كانت تهدف إلى نشر "ثقافة آشورية" بفرض الفكر الآشوري وعبادة الآلهة الآشورية ومحو باقي الثقافات بسياسة الصهر القومي في بحر المجتمع الآشوري الواسع ( نظام تهجين الشعوب )، عن طريق السبي، حيث يذكر عالم الآشوريات البروفسور سيمو باربولا إحدى مدونات الملك الآشوري تغلات بلاصّر الأول عن المسبيين، بالآشورية القديمة: " إيتي ناشي مات آشور أم نوشونوتي"، ما معناه " إعتبرتهم أبناء آشور" (2) إذاً، كانت هناك "نزعة قومية" آشورية.
ومن الخطأ ربط تاريخ "القومية الآشورية"، ببداية "الدولة الآشورية" لأنّ هذه الدولة سُميت "آشور" نسبة إلى الإله "آشور" مما يعني بشكل لا يقبل الجدل بأن "الثقافة الآشورية" أو "الفكر الآشوري" (الديانة والفلسفة والفكر واللغة ذات الميزات الآشورية) وُجد قبل تأسيس الدولة، وقد ترسّخ هذا الفكر بالإيمان بالإله آشور خالق الكون (الله اليوم) وحتى كان أحد الملوك في المرحلة المبكرة من تاريخ ما يُسمى "بين النهرين" يتكنى بإسم الإله آشور، وهو بوزور آشور الأول، وهذا قبل بداية الحقبة الآكادية حيث يسبق سركون الآكادي بأربعة ملوك، ثم بوزور آشور الثاني في المرحلة الآكادية حيث بداية الإستقلال الآشوري (على شكل ممالك وليس دولة) أي ما يعادل حوالي 570 سنة قبل الملك شمشي أدّد الذي يجزم بعض المؤرّخين بأنه مؤسس "الدولة الآشورية" . وهكذا نرى أن الثقافة والفكر القومي الآشوري موجودان قبل نشوء الدولة والثقافة الآكادية، إذا الآشوريون في المرحلة الآكادية كانوا يتكلمون "الآشورية" التي استخدموها دون غيرهم كلغة تخاطب إجتماعي وسياسي منذ أن ظهر الإنسان الآشوري في آشور(3). ولاحقا في القرن التاسع عشر الميلادي، نسبت هذه اللغة إلى "آكاد" الجغرافية وعرفت لدى المؤرخين بـ"الآكادية". ويرقى تاريخ أقدم المدونات الآشورية إلى أواسط الألف الثاني قبل الميلاد 2000_1350 ق.م(4) وبسبب القدم الملحوظ على هذه الألواح وأسلوب كتابتها سميت المادة اللغوية المستعملة فيها باللغة الآشورية القديمة .
لقد أتبع التقسيم التاريخي والحضاري ( المقسم إلى ثلاثة أقسام) تقسيم لغوي مماثل حيث درج العلماء على تقسيم اللغة الآشورية القديمة "المكتوبة بالخط المسماري" إلى ثلاثة أطوار لغوية وسميت لهجات ، الآشورية القديمة ، والآشورية الوسيطة ، والآشورية الحديثة (5)
1- الطور الأول: اللغة الآشورية القديمة (2000_1500)ق.م
2- الطور الثاني: اللغة الآشورية الوسيطة(1500_1000)ق.م
3- الطور الثالث: اللغة الآشورية الحديثة(1000_600) ق.م
ولقد أطلق العديد من العلماء على هذه التطورات للغة الآشورية تسمية "اللهجات الآشورية" وفعلوا الشيء نفسه مع اللغة البابلية عندما سموها " اللهجات البابلية " إستنادا على كون اللغتين دخلتا طور الكتابة بعد ما كتب بها في أكد وإبان الإمبراطورية الأكدية ، ومن هنا أعتبر العلماء أن اللغة الأكدية هي الأم أما البابلية والآشورية فهما لهجتان تطورتا عن الأكدية (6). وعلى هذا السياق سميت أحياناً اللغة الأكدية لهجة من اللغة السامية يستعملها ( الآشوريون والبابليون) (7) حيث تقرر "لغة أم لهجة" الحقبة الزمنية المتكلم عنها .
فمن لا يريد الدخول في أبحاث اللغة واللهجات ويستغني عن عناء البحث يقول بأن "الأكدية هو أسم اللغة التي كان يتكلمون بها في بابل وآشور سويّة " (8) على الرغم من أن تسمية الدراسات عن لغة بابل وآشور تسمى بعلم الآشوريات (Assyriology) وتسمية اللغة نفسها بالآشورية وقاموسها بقاموس اللغة الآشورية (9).
ومن هذه التسمية لدراسات اللغات نرى أنه يقصد قطعاً باللغة الأكدية اللغة الآشورية القديمة لأنها هي التي أستمرت بالأستعمال والتدوين بالخط المسماري لحين سقوط دولة بابل الكلديّة .
ولد علم جديد في تاريخ الحضارة والمعارف البشرية وهذا العلم أطلق عليه "علم الآشوريات Assyriology " عندما أعلن رسمياً عن فك الرموز المسمارية للكتابة الأكدية ، وذالك بعد ان فك كل من العلماء رولنسن و هنكس وفوكس تالبوت وأوبرت(J.Oppret) نصاً مسمارياً، بعد أن قررت الجمعية الملكية في لندن أن تجري أمتحاناً للباحثين الأربعة عام 1857 فقدمت نصاً مسماريا ً للباحثين الأربعة ويعود ذالك النص للملك تغلات بلاصر الأول (1116_1076) ق.م صادف إكتشافه في تلك الفترة فأتفقوا في ترجماتهم بوجه أساسي .
إن تسمية تطورات اللغة الآشورية واللغة البابلية غير دقيق ، وغير واقعي في وقتنا الحاضر لأنه توقف تاريخ اللغة عند نهاية الإمبراطورية الآشورية . فاللغة الآشورية قد أستمرت في التداول والكتابة ، تطورت وأثرت وتأثرت ، لتكون بذالك اللغة الآشورية الرابعة أو المعاصرة (10).
وعن أستمرار الإستنساخ والتأليف بالآشورية والخط المسماري في بلاد الرافدين قال رينيه لابات : " أن عمل النساخ لم يتوقف ،فحتى بعد خراب آشور وسقوط بابل(539) ق.م واصلوا طوال قرون في المدارس وفي المعابد إستنساخ الأعمال البابلية والسومرية بالخط المسماري وعلى ألواح من الطين وحافظوا بذالك على المظهر المزدوج لتقليد كانت ينابيعه الحيّة قد نضبت منذ عهد بعيد " (11) .
وبعبارة أخرى إن اللغة الآشورية ظلت متداولة في التخاطب طوال الستة والعشرين قرن الماضية بعد سقوط نينوى ، وقد أستخدمت في الكتابة أيضا ً ، هكذا فالآشوريون مازالوا قائمين مع لغتهم حتى الأن وإنهم صاروا يعيشون الإزدواج اللغوي بعد دخولهم المسيحية في نهاية القرن الأول للميلاد ، إذ كانت لغتهم القومية _ الآشورية _ متداولة في حياتهم اليومية، وأتخذوا اللهجة السريانية الآرامية لهجة الرها كلغة دينية " المتأثرة باللغة الآشورية كما سنورد لاحقاً "، وذالك لأنهم بها تلقوا البشارة المسيحية ، وبها كتبت أسفارهم المقدسة " العهدين القديم والجديد" .
أما الأن فهنالك العديد من العلماء والباحثين يؤكدون ما ذهبنا إليه " حقيقة بقاء اللغة الآشورية حيّة " فيقول ماتفيف في كتابه تاريخ الآشــــــــــوريين بالروسية : اللغة الآشـــــورية المعاصرة (الآشورية الرابعة)هي التي كان يتحدثون بها قبل ألفي عام من سقاط الإمبراطورية الآشـــــــورية.
ويكتب البروفسور "بيري" في الموسوعة الأمريكية : إن اللغة السواداية " الآشورية الرابعة " المتداولة في أورمية والموصل وجبال آشور فيها العديد من الكلمات بالإضافة إلى بعض التصاريف من اللغة الأكدية (12) (أي الآشورية كما سبق شرحنا ) .
و يكتب مطران أورمية على الكلدان، الشهيد مار توما أودو في الباب الثاني من مؤلفه " القراء المختارون " : "ان الاكراد المعاصرين لايتكلمون _ اليوم_ اللغة الآشورية التي تمخضت عنها اللغة السوادايا".
ونرى تمسك الآشوريين باللغة الآشورية بعد سقوط آشور عندما نقرأ في كتاب الجاحظ "البيان والتبين" أنه حتى القرن الثالث الهجري كان ثمة الكثير من أهل الريف العراقي لم يتقنوا العربية بعد (13).
ومن السهل جدا ملاحظة انتماء اللغة التي يتكلمها آشوريــّـو اليوم، إلى العائلة الآشورية القديمة (الأكدية)، وذلك من خلال الكلمات الآشورية المحكية يوميا، فلنجر مقارنة بسيطة (14) :
نرى في المفردات المذكورة في اللجدول السابق القاعدة نفسها في أستخدام التأنيث والتذكير " زمّيرو, زمّيرتو- إغرتا ,إغرتو"ونفس قاعدة التصريف الثالث للفعل"ديّنوتا , ديّانوتو" وفي الجمع كذالك " ماتو- ماتا = متاتو- متواتي " والتصريف الثاني للفعل " براقا ’ براقو".
إضافة إلى ذالك نورد أهم أوجه التطابق بين الآشورية الأكادية من جهة والآشورية الرابعة من جهة أخرى، في مجال النحو والصرف وتركيب الكلام :
1- ضمير المتكلم بصيغة الجمع للمذكر والمؤنث جاء في الآشورية المسمارية على صيغة اَخنوُ وفي الآشورية الرابعة (اَخنَي و أَخني ) .
2- إن حالة نفي فعل الأمر الواردة في اللغة الآشورية المسمارية هي نفسها في الآشورية الرابعة حيث يقال بالآشورية الرابعة ( لا شتي ) والذي معناه الحرفي (لا إشرَبْ) ، كما النفي في الآشورية المسمارية ( لا ةَخزَنيٌ )ومعناه الحرفي ( لا خُذ لي )
3- ورود الفعل في نهاية الجملة سمة مشتركة بين الآشورية المسمارية والآشورية الرابعة
4- إحدى مواد شريعة حمورابي ( شوٌما دَيًنوم دَينَم يٌدين ) وهي من حقبة اللغة الآشورية الأولى تعود إلى 1792_ 1750 ق.م والتي ترجمتها [ عندما حاكماً حكماً قضى أو " أصدر"]
5- ومن الآشورية الرابعة : (ملخًبٌ بايدى زيوًنٍا مدًرٍا) وترجمتها هي [ المذراد بيده زيواناً يذري ] .
فنلاحظ بأننا نستعمل الكثير من كلمات الآشورية القديمة في حياتنا اليومية، مع النظر إلى الإنتماء المناطقي أو اللهجوي (لهجة هكاري، أورميا، نينوى، طور عابدين ... ألخ)، وحتى قواعد اللفظ في الآشورية الرابعة تشترك بشكل ملفت مع الآشورية القديمة "الآكادية" (16) ، بحيث نرى آشوريي هكاري وأورميا لا يستعملون حرف "العين" (والصابئة كذلك) بل يلفظونه كما الألف في بداية الكلمة (عينا، تلفظ: أينا) أما في وسط الكلمة(الملفوظة) فتختفي كلياً (زرعا، تلفظ زرّا)، ولا وجود للفاء بل تلفظ كما حرف الـ “P” مثلا : أبرا : عفرا، تراب - ولا يستعملون الحاء بل الخاء وكل هذه الميزات اللفظية هي آشورية منذ نشوء الحضارة الآشورية، أما الكلمات العربية المشتقة من الآشورية فتلفظها "حاء" (خوبـّا : الحُبّ – خقلا : الحقل) ونلاحظ في لهجة طورعابدين ، بأن آشورييها لا يلتزمون بقاعدة اللفظ الآكادي بحيث يلتزمون نفس القاعدة التي يلتزمها العرب، وهذا أقرب إلى اللفظ الآرامي للكلمة، منه إلى الآشوري القديم ، لكننا نرى اللفظ الآشوري القديم في لهجة قرى برور.
اللغة الآرامية نشأتها وتأثرها
يشهد جميع المؤرخين الضليعين باللغات السامية أنه في القرن الثامن قبل الميلاد دخل الفرع الشرقي من اللغة الارامية بلاد آشور وبابل وأمتزج باللغة الأصلية للسكان ،
تقول الدكتورة نينا بيغوليفسكايا (17) : "لقد كان الأشوريون محاربين أشداء لكونهم من سكان الجبال بعكس الآراميين الذين
كانو يسكنون البادية السورية فقد كانوا مسالمين و لكن حتى هؤلاء لم يسلموا من الأشوريين فعندما شعر الأشوريون بخطر
القبائل الآرامية وما يخططون له انشأوا حملة وغاروا عليهم وربما كان هذا سبب في إنقراضهم أو إنصهارهم في الأشوريين"
فإنصهار الآراميين لا يعني أبداً بأن الآشوريين تكلموا لغة الشعب المنصهر بل العكس .
وهنا نتسائل ماهي هذه اللغة الارامية الشبيهة للغتنا الآشورية وما أصلها ونشأتها ؟
حسب اغلب الاراء لمتخصصين في تاريخ الاراميين في الوقت الحالي يقرون بان لغة ارام تكونت في بداية الالف الاول ق.م، وهناك أختلاف في الآراء حول الفترة التي سكنت خلالها هذه القبائل ضفاف الوادي فمنهم من يقول سكنوه في النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد أما معظم المتخصصين في التاريخ فيقولون بأن لغة قبائل الصحراء السورية تكونت في بداية الألف الأول قبل الميلاد ، والفترتان تقعان ضمن المرحلة التي خلالها عمد الملوك الآشوريون إلى سياسية دمج الشعوب أيا كانت ثقافتها، ضمن "الأمة الآشورية".
أما بخصوص اللغة التي سميت لاحقا آرامية فكانت 22 حرفا هجائيا وهي أيضاً من الكنعانية ( الفينيقيـة) وأقدم الأثار الارامية المنتشرة في سورية مكتوبة بالخط المسماري وتعود للقرن التاسع ق.م وبواسطة الآشوريين، فالاراميون كانوا يكتبون باأحرف الكنعانية، ودخول اللغة التي عرفت بـ"الآرامية" إلى دولة آشور كان شبيه بدخول اللغة الإنكليزية إلى بعض دول العالم حالياَ، فنلاحظ مدى إستعمالها وصعوبة النطق بها وإهمالها من عامة الشعب والتمسك باللغة الأصلية للشعب ولكن تداولها من قبل بعض الآشورييين إلى جانب لغتهم الأصلية كان من أجل التواصل مع الشعوب الأخرى بعد أن أصبحت الآرامية لغة التجارة ، ورغم ذالك فاللغة الآرامية التي أقتطفتها بلاد أشور كانت من جذور اللغة الآشورية القديمة وحتى هنا لم تنته النزعة القومية للغتهم فلم يتداولوها الآشوريين في محافلهم الإجتماعية مطلقا " كما يذكر الأستاذ آدم هومه:" إن البابليين والآشوريين لم يتداولوا اللغة الآرامية في محافلهم الاجتماعية مطلقا وإنما أستبدلوا فقط الحرف المسماري بالقلم أو الحرف الارامي " الكنعاني " كما فعل من بعدهم بأجيال الأتراك الذين أستبدلوا الحرف العربي بالحرف اللاتيني وبقيت لغتهم تركية خالصة وكذالك الايرانيون الذين يتكلمون اللغة الفارسية ويكتبونها بالحرف العربي. (18)
ونتيجة لأنتشار اللهجة الأرامية للغة الآشورية القديمة بين الشعوب ، كون الاراميين كانوا منتشرين بين الشعوب أستعملت هذه
اللهجة الكلاسيكية لما تملك من مسطلحات آشورية سلسة منتشرة ومفهومة لدى العديد من الشعوب ، ومن هنا نجد ان
الاراميين لعبوا دورا مهما في نشرلهجة "إلى حد ما" للغة الآشورية القديمة بين الشعوب وتداولوها ونشروها بكل ما يملكون
من مجال في التعاملات التجارية والإجتماعية ، فوصلت هذه اللغة الآشورية إلى الشعوب الأخرى كاليهود والفراعنة عن
طريق الآراميين التجار لدى الآشوريين ، فأطلقوا تلك الشعوب على اللغة التي سمعوها من الآراميين إسم الشعب الناطق بها
على مسمعهم "الآراميين".
ويقول الأُستاذ فولوس كبريال وهو أستاذ في الدراسات السريانية عن اللغة السريانية : " اللغة السريانية لهجة من لهجات
الآرامية التي تصعد أصولها الى البابلية ( الآشورية ) القديمة والأكادية (19). وهذا ما أكده الأستاذ "أبروهوم كبريال صوما"
في كتابه" ثقافة السريان " والمطبوع في بوينس أيرس الأرجنتين سنة 1967 وذلك على الصفحة 173 (20) : " أن اللغة
الآرامية قد انقرضت أسوة بشقيقاتها البابلية والآشورية" (وهنا يقصد الآشورية الأكدية)
ويقول الكاتب والمؤرخ Georges Roux في كتاب له الموسوم " العراق القديم / Ancient Iraq " وهذا ما قاله أيضا
بخصوص الآراميين : " ... الآراميون سواء كانوا تجارا ، فلاحين ، رعاة ، جنودا أم قطاعي الطرق لم يكونوا سوى بدو
غير مصقولين كما لم يساهموا شيئا في حضارة الشرق الأدنى(21) .
ويذهب البعض إلى أتهام الآشورين باللغة الآرامية ، علماً أن اللغة الأم لم تتلاشى وبقي الشعب محافظاً عليها ، ومن دلائل هذا التمسك بالخصوصية الآشورية هي النزعة القومية الآشورية التي تكلمت عنها البروفيسورة باتريسيا كرون أستاذة التاريخ في جامعة لندن، حيث تذهب إلى حد اتهام الآشوريين بالشوفينية كونهم لجأوا إلى المسيحية وبالتحديد "النسطورية"، هرباً من الإندماج بالزردشتية الفارسية والأورثوذوكسية اليونانية، وتجنباً لذوبانهم في الثقافات المحيطة، وذلك في كتابها "الهاجريّة – صناعة العالم الإسلامي" (Hagarism) حين تقول: [... رغم تناسي العالم الخارجي لآشور، إلا أنها استطاعت أن تعيد تجميع ماضيها المجيد بهدوء، وهكذا عادت بتعريف آشوري للذات في عهد البارثيين، وليس بتعريفٍ فارسي ولا يوناني؛ فأُعيد تجديد معبد آشور وأعيد بناء المدينة، وعادت دولة الخلافة الآشورية بشكل مملكة أديابين... وتمسّك الآشوريون بأصولهم، فحتى الزرادشتية اعتبرت فارسية في مفهومهم، لذلك كانوا بحاجة إلى مواجهتها بديانة أخرى، ولكن المسيحية الأورثوذوكسية بدورها اعتبروها إغريقية، وهكذا، مقابل الأورثوذوكسية الإغريقية وجدوا أنفسهم أمام حل واحد وهو الهرطقة النسطورية... وهكذا استدارت شوفينية آشور إلى ذكريات الماضي المجيد. حيث اهتدوا بطريقتين نافعتين في تطهير سمعتهم السيئة في الكتاب المقدّس، الطريقة الأولى كانت سردانا (أسرخدون– الكاتب)، ابن سنحاريب، الملك الثاني والثلاثون لآشور وخلف بيلوس وحاكم ثلث العالم، والذي استجاب ليونان وشرّع صوم نينوى الذي أنقذها من الخراب، وبما أن الصوم أنقذ الآشوريين من غضب الرب في الماضي، فقد أعاد تشريعه سبريشوع من كرخا دي بيت سلوخ (المكرّدة اليوم إلى "كركوك" - الكاتب) لإنقاذهم من الوباء بعد ألف سنة. و الطريقة الثانية النافعة كانت باعتناق نرساي الآشوري المسيحية كما اعتنق إيزاتيس الثاني اليهودية، مما يعني بأن الآشوريين بقوا موحدين قبل وبعد المسيح، والماضي أوصلهم إلى الحاضر دون عائق، وهكذا يبدأ تاريخ كرخا دبيت سلوخ بالملوك الآشوريين وينتهي بشهدائهم... فكما وقف العالم كله مرعوباً من ساردانا في القرن السابع قبل الميلاد، هكذا احتل القديسون مكانه في القرن السابع الميلادي باعتباره "شمس آشور" أو "مجد نينوى"] (22) .
فهذا الإستبسال المستميت من أجل عدم الإنصهار بين الثقافات المحيطة لا يتناسب أبداً مع الفكرة القائلة أن الآشوريون تركوا لغتهم القديمة ذات الطابع القومي وتكلموا باللغة الآرامية .
ويقول جان بوتيرو : [حضارة بلاد الرافدين ، التي نشأت في الألف الرابع ق.م، ونضجت منذ الألف الثالث قبل الميلاد ، قد تكون أقدم حضارة في العالم تستحق هذا اللقب الشريف، وقد شعت حولها طوال وجودها وأخصبت وأغنت جارتها بكل سخاء! الشعب اليهودي بصورة مباشرة ، وبعده أو معه الساميين أمثاله ، والأغريق عبوراً بالحثيين والشعوب التي سبقت الهيلنيين في آسيا الصغرى] (23)
فعندما نشرت جامعة شيكاغو قاموس اللغة الآشورية سنة 1921 لم يكن ذالك من الفراغ الثقافي للجامعة المذكورة .
والقول الدارج بالنسبة لنظام تهجين الشعوب بأنه كان متقطعا وبين الحملة والأخرى تدخلت وأنتشرت اللغة الآرامية بين الآشوريين ، بينما البرفسور سيمو بربولا أستاذ الدراسات الاشورية في جامعة هلسنكي/فنلنده يقول «ان تهجير واسكان اعداد ضخمة من الاجانب في الامبراطورية [الآشورية] واعادة تنظيم الاجزاء المستولى عليها كمقاطعات آشورية اخضعت الكثير من السكنة الجدد الى تأثير مباشر ومتزايد للثقافة الاشورية ( الثقافة تتضمن اللغة أيضاً _ الكاتب). هذا التأثير شمل نظام الضرائب والخدمة العسكرية، ووحدة في التقويم والقضاء ونظام التجنيد وفي استعمال الاوزان والمقاييس والقيم الامبراطورية. اضافة الى ذلك، فالايديولوجية الملكية الاشورية والافكار الدينية الميثولوجية كانت دوماً تُنشر بين كافة شرائح السكان عبر الفن الامبراطوري وشخصية الامبراطور والاحتفالات الدينية وعبادة شخوص الآلهة آشور وعشتار ونابو وسين وغيرها. وهكذا اصبح سكان الاقاليم الحديثة مواطنين آشوريين روتينياً.» (24) .
السريانية : وهي التي سميناها العتيقة أو (SYRIAC) ويقال عنها اليوم بأنها مرحلة جديدة للغة الآرامية .
لا نستطيع أن نقول عن السريانية لغة ولا نستطيع أن نقول عنها لهجة ، فالسريانية (السوريانية) كانت لغة سورية القديمة والتي بدورها كانت تضم شعوب ولغات عدة ، أي أنها سريانيات عديدة( لهجات محلية) لم يجمعها جامع لعدم توفر العوامل اللازمة لانتقال اللغة ( أية لغة كان أصلها ) من مرحلة بدائية وشعبية إلى لغة رسمية معتمدة من قبل كيان سياسي وأقتصادي متين ، يطورها ويعتمد عليها في نشر ثقافته . إن مثل ذالك لم يحصل لهذه اللهجات لعدم قيام كيان سياسي مستقل وقوي في سورية ، طوال العهود التي سبقت خضوع المنطقة إلى السياسة العسكرية ، والإدارة والثقافة الآشورية .
بسبب الغنى الحضاري والأثاري لمنطقة اورهاي الآشورية وبفضل أعتماد رسل المسيح الأوئل في تلك الديار اللهجة الرهاوية المحلية كوسيلة لبث روح الرسالة المسيحية في عموم بلاد الرافدين ، بفضل ذالك أنفتحت اللهجة الرهاوية على النصيبينية من أجل إكتمال اللهجة الرهاوية من جهة ومن أجل تقبل نصيبين المسيحية من جهة أخرى .ولكن لكل واحدة تسميتها الخاصة وخصوصيتها ولا يجب الخلط بينهما. فاللغة الآشورية " لغة نصيبين " وصفت بالشرقية بأعتبار النصيبينية والرهاوية لهجتين للغة واحدة أما الآشورية الغربية فعرفت بـ " الرهاوية "
وبقيت اللغة الأم القادمة إلى (الجزيرة الفراتية ) مع إنفتاح الآشوريين غرباً في الألف الأول ق.م هي الصحيحة ولها فضل القدم على السريانية الرهاوية ،(25) التي نطقهما هو من لغة الحضارة الآشورية المسيطرة تحت الإدارة السياسية العسكرية الثقافية الآشورية .
وقد أورد المطران اقليمس ،مثال لنص مقتبس من الفصل الأول من سفر التكوين .باللغة الآشورية القديمة والتي يسميها البابلية ، وبالسريانية وقد سماها الكتابية وبالآشورية المعاصرة " الرابعة " لغرض المقارنة وكتب النصوص الثلاثة بالحرف الآشوري الشرقي :
ونستنتج من الدراسة اللغوية البسيطة لهذا النص ، التوافق في التركيبة اللغوية واللفظية بين الآشورية القديمة والآشورية المعاصرة مع مراعاة تطورها عبر أربعة مراحل تم ذكرها.ونلاحظ أيضاً مدى تـأثر و إقتباس السريانية من الآشورية القديمة، ومن الجدير بالذكر بأن النص ترجم إلى اللغة الآشورية المعاصرة من الغة الكتابية ( السريانية الكنسية) التي يظن البعض بأنها مرحلة متطورة من الآرامية ، لذالك سنقوم بالمقارنة بين مايسمى باللغة الآرامية وبين اللغة الآشورية القديمة المسمارية من خلال نص على قبر كاهن ،(26) حيث كتب :
[ س- ن \ ز- ر \ ك- م- ر \ س- ه- ر \ ب- ن- ر- ب \ م- ت \ و- ز- ن- ت \ ص- ل- م- ا \ ا- ر- ص- ت- ا ]
والذي قراءته : [ سين أبن الكاهن سهرا في نيراب مات وهذا شاهده وقبره ] .
وبتحليل هذا النص نجد:
Sin : إسم لإله القمر وقد دخل على العديد من الأسماء الآشورية القديمة "نارام سين"
Zeru : بمعنى الزرع ( الذرية ) ومجازاً (ابن) . وعند دخول أسم الإله سين عليه نحصل على
أسم الكاهن ( سينزر ) ايضاً .
أسم الكاهن ( سينزر ) ايضاً .
Kumru: الكاهن والأسم مازال حياً مستعملاً في الآشورية الرابعة بصيغة كومرا
Sarru\Zarru : القمر في الآشورية المعاصرة
Mutu :مات ( فعل) وهي نفسها في الآشورية المعاصرة الموت أو الميت
Salmu: صورة ، نصب ،تذكار .... والمعاني ذاتها هي لذات الكلمة في الآشورية الرابعة.
Ersetu: بمعنى الأرض وفي الآشورية الرابعة ( أرّا ، أردا ،أرأا )وجميعها تعني الأرض التربة المثوى القبر .
هكذا يظهر من النص القديم ( المنسب إلى اللغة الآرامية ) عند مقارنته بالآشورية المسمارية والآشورية المعاصرة ، أن أوجه التشابه ، وفي بعض الأحيان التطابق ظاهر فيه بصورة جلية. وهذا يشكل دليل على أن مايسميه بعض العلماء بالآرامية وبنتها السريانية هما مشبعتان باللغة الآشورية القديمة المستمرة عبر اللغة الآشورية الرابعة.
من خلال ذالك نرى بأن ما يسمى بالسريانية ليست آرامية الأصل وخصوصاً بأن تكونها كان تحت السيطرة الآشورية الكاملة لمنطقة نشأتها، والملفت للنظر في إقتحام اللغة الآشورية لدائرة المعارف السريانية هو إستعمال الصيغ الصرفية للغة الآشورية من لدن الكتاب الكنسيين في متن كتاباتهم ومنهم العلامة الكنسي الكبير مار أفرام، ونستشهد بما أورده عنه العلامة المطران أوجين منّا تحت جذر ( شفَن) فهو يكتب معاني هذا الفعل الثلاثي السالم إلى أن يصل إلى المعنى [ داهن, تملق ,خدع] معلقا عليه بقوله : المعنى الأخير سوادي ( آشوري متداول أي الآشورية الرابعة – الكاتب) أثبته لأني وجدت فاعله في مصنفات مار أفرام .(27)
وهكذا فإن السريانية ليست آرامية مستمرة ونقية لا من حيث الصرف والقواعد ولا من ناحية الكلمات و أنها ليست آشورية طاهرة " نقية " أيضاَ , ففيها من القواعد الكتابية ما يختلف عن قواعد اللغة الآشورية فعلى سبيل المثال :
| الكلمة بالسريانية (28) | باللغة الآشورية الرابعة | المعنى بالعربية |
1 | ܐܪܣܝܬܐ | ةوٌرسًيًا | قوت مؤونة |
2 | ܟܦܬܐ | جوٌدةًةٍا | طابات |
3 | ܬܐܘ | ةًو | حرف " التاء" |
4 | ܐܒܼܘܢ | بًبَن | أبانا "من الصلاة الربانية" |
5 | ܒܐܣܟܝܡ | اِسكِمًا | زي شكل |
6 | ܣܘܝܢ(29) | سوئخًا | مشتاق |
7 | ܐܬܚܦܝ | خفٍا لٍا | أختفى |
8 | ܢܗܶܘܶܐ | ىًوٍا | يكن |
9 | ܪܘܚܶܗ | روخًا | روح |
ونلاحظ بتسلسل كلمات الجدول :
1- أختلاف جذري في الكلمة
2- إختلاف في حالة الجمع ( ومن الجدير بالذكر بأن اللغة الآشورية تحتوي على خمسة عشرة حالة جمع ، وواحدة منهم فقط هي على طريقة جمع السريانية الكنسية وهي لا تستعمل إلا في بعض المفردات الكنسية بل وتنطبق على المفردات ذاتها من القواعد الأخرى الآشورية، ومثالاَ عليها مشوٌخةًا_ بالسريانية موشخًةٍا _ بالقاعدة الآشــورية مشوٌخيًةٍ) وكل آشوري ضليع وغير ضليع بلغته لا يستعمل "حتى عفوياَ" سوى الجمع المذكور بالقاعدة الآشورية.
3- إختلاف في قاعدة كتابة الألف في وسط الكلام، فتندر هذه الحالة في اللغة الآشورية إلا إذا كانت الكلمة مركبة كما في الكلمة االسابعة من الجدول .
4- أختلاف في الضميرالملكية للمتكلم بصيغة الجمع فبالسريانية الطقسية (ܐܒܼܐ) تصبح (ܐܒܼܘܢ)، أما باللغة الآشورية الحديثة الرابعة: ( بًبًا) تصبح (بًبًن أو بًبٍني).ومن الجدير بالذكر بأنه بسريانية اليوم تكتب "بابا" (30) .مما يثبت إختلاف كتابة الألف في وسط الكلام
5- نلاحظ إختلاف إستعمال الألف في بداية الكلمة
- في الكلمة ما قبل الأخيرة من الجدول تتركب الكلمة في الآشورية من ثلاث أحرف علّة بينما في السريانية فتدخل عليهم حرف صحيح مما يتغير تركيب الكلمة .
- إن الكسرة على حرف (ܚܶ) ووجود حرف الـ(ܗ)من بعدها في الكلمة الأخيرة من جدول الكلمة بالسريانية له مدلول ملكيّة الثالث الغائب إذا أستعمل في اللغة الآشورية ، وهذه الكلمة هي من نص المطران أقليمس المذكور سابقاً وفي النص المذكور تستعمل الكلمة في جملة ترجمتها للعربية ومعناها كلأتي : "وروح الله يرف على وجه المياه." ولانرى حاجة في هذه الجملة الى وضع ضمير الثالث الغائب كون المقصود قد ذكر في الجملة ( الله) مما فنرى أن الكسرة وحرف ال(ܗ) من بعدها من أصل الكلمة في السريانية بينما باللغة الآشورية الرسم نفسه للكلمة له مدلول ضمير الثالث الغائب .
- كما إن النكرة في هذه الكلمة بالسريانية تدل على إسم تصغير باللغة الآشورية ،أما العلم بالسريانية تدل على نكرة باللغة الآشورية ، و(أل) التعريف بالآشورية هي ( ىًوُ) .
مدلول الكلمة باللغة الآشورية | الكلمة | مدلول الكلمة بالسريانية | معنى الكلمة بالعربية |
أسم تصغير تلفظ "مَالك" | ملكـٌ | أسم نكرة تلفظ "ملخ" | مليك\ملك |
أسم نكرة | ملكا | أسم علم | ملك\ الملك |
أسم علم | ىًوُ مَلكا | | الملك |
وإنطلاقا من هذه الحقيقة الواضحة ، يجب الفصل بين السريانية الرهاوية واللغة الآشورية الرابعة ،وهذا الرأي الذي أبداه البرفسور (R.Hoberman) رئيس قسم الدراسات السامية في جامعة ستوني بروك ، نيويورك :" إن الإستخدام العفوي للسريانية الحديثة كان سبباَ لخلق أنطباع خاطئ ، بأن هذه اللهجات هي منحدرة من السريانية الكلاسيكية ذاتها . لقد كان هذا الخطأ منذ القرن التاسع عشر . إذ مازالت هناك عناصر لغوية قديمة محفوظة في الكلام اليومي ، وهي غائبة تماما وغير موجودة في السريانية الكلاسيكية" (31)
والدكتور جيفيري خان من جامعة كامبرج ، المملكة المتحدة ، حرر مقالاَ أكاديمياَ عن اللغة الآشورية الرابعة وتتطابقها في العديد من مفرداتها وطرق صرفها مع الأكدية ( اللغة الآشورية الأولى – المسمارية-) وإنها لا تعود بشيء إلى السريانية الرهاوية بل وكما ثبت العكس :" بعض صفات علم الصرف للآشورية المعاصرة (الرابعة – الكاتب) ومن خلال دراسة الرموز القديمة لها ، يظهر أنها الأكثر قدماَ بالمقارنة مع مثيلاتها بالسريانية ، ومثلها بعض المفردات القاموسية للهجات الحديثة ( لهجات اللغة الآشورية الرابعة – الكاتب ) ليست مطابقة للسريانية أصلا بل لها جذور يمكن تتبعها لتصل في قدمها إلى اللغة الأكدية" (32)
والبروفيسور "بيري"أستاذ التاريخ في جامعة "كولكيت" : [هناك أختلاف كبير بين اللغة التي يطلق عليها " السوادايا " أي الآشورية المتداولة في أورمية وجبال آشور، وبين اللغة التي تدعى ( SYRIAC) أي العتيقة ، وخاصة من ناحية الصرف بالإضافة إلى الكلمات التي لانجد لها أثراً في اللغة العتيقة .إن اللغة السواداية للآشوريين هي سامية الأصل ، ولكنها ليست نابعة أو متسلسلة عن العتيقة( SYRIAC)] (السواداية هي الآشورية الرابعة – الكاتب)
نستنتح :
1- اللغة الآشورية الرابعة " المحكية "هي إستمرار حي متواصل للغة الآشورية الأولى " المسمارية " مرورا بثلاثة مراحل تطورية ووصولا للغة الآشورية الرابعة مع الحفاظ على كلمات وتراكيب وقواعد آشورية تفتقد في اللغة الآرامية وتشترك بها الآشورية الأولى والرابعة .
2- تأثر اللغة الآرامية بالآشورية منذ نشأتها في أحضان الثقافة الآشورية .
3-عدم وجود بنت للغة الآرامية فحتى السريانية الكنسية هي نتيجة لإختلاط السريانيات العديدة " لهجات سورية" مع اللغة الآشورية "فساد اللغة الآشورية" وتختلف السريانية الكنسية عن الآشورية وعن الآرامية أيضاً (قواعدياً) وتشترك معهما جزئياً .
بعد هذه الدراسة اللغوية والمقارنة الشاملة والإستنتاجات نستطيع أن نقول وبكل جرأة بأن لغة الشعب الآشوري هي اللغة الآشورية منذ وجوده وحتى يومه هذا ، ولا يجدر بنا حين التكلم عن هذا الشعب عدم التطرق على عالم لغته كما والمؤلف " سبتينو موسكاته " في كتابه الحضارات السامية القديمة (33) .
ـ أنتهى ـ
تحية كبيرة الكن من سووريا , من اول اللغات اللي رح اتعلمها هي اللغة الاشورية
ردحذفطرح جميل، ولكن هناك نقص في الصور، معضم الصور لا تظهر ولا يمكن تحميلها. والمصادر المرقمة لا يمكن مراجعتها. فيرجى التصحيح اذا امكن، لنتمكن من نشرها في اماكن ثانية.
ردحذف